Saturday, December 31, 2016

سوريا والبرنامج الروسي القادم :

سوريا البرنامج الروسي القادم : 
الاتفاق ـ في العقل الروسي ـ هو محاولة لتحديد معالم "خريطة عمل" للصراع الروسي-الأمريكي في عهد ترامب.  فما يرغبه المخططون الروس هو خلق الأوضاع التي تجعلهم الأداة الضرورية التي لا غنى عنها في محاربة "الإرهاب الإسلامي." وهكذا فالاتفاق يُمهد الوضع لاعادة اصطفافات محلية،  فيتحول الروس لرعاة لـ"فصائل الثورة المسلحة"،  ومن لا ينضم تحت هذه الرعاية سيُلحق ، على الاقل اعلاميا ـ بـ"الدولة_الإسلامية"  أو بـ"النصرة".  وهكذا ستكون الإدارة  الأمريكية ـ على الأقل بمخيلة المخطط الروسي ـ أمام الخيار "الأسلم" وهو : "اعتماد روسيا كوكيل يتولى أمل الإرهاب في سورية."  طبعا هذا الأمر لمح له ترامب أكثر من مرة ولكن لا اعتقد أن من يقف خلف ترامب سيوافقه على هذا وتكرار خطيئة اوباما (القيادة من الخلف).  
فلو تم للروس هذا فسينقلون الحكم من الأسد لأحد ضباط المخابرات العسكرية المرتبطين بشكل عضوي بالمؤسسة العسكرية الروسية تاريخيا.  ويتم تصفية الثورة باسم محاربة الإرهاب بسكوت وقبول أمريكي-دولي. 

يتطلب إدارة هذا الوضع قبول الفصائل الثورة المسلحة،  هذا الأمر ليس بالأمر الصعب، فتفرقها وتشتتها وغياب الرؤية الاستراتيجية عند كل مستويات القيادة فيها كفيل بأن يضمن انصياعها للأرادة الروسية.  الطرف الآخر هو الأسد وجماعته،  لذلك فهو لديه رغبة قوية بأن يبق "كأداة محاربة الإرهاب"  وتاريخه الطويل في هذه اللعبة يعطيه بعض الخبرات، ويأتي استمرار وجوده كعنصر داعم لـ"الفوضى الخلاقة" الشهيرة وطالما أنه يستطيع أن يضمن أن تبق هذه الفوضى منضبطة فوجوده مرحب به من أصحابها.  ولكن الحسابات الروسية لا تهتم بالأسد كشخص طالما عندها جيش من الضباط الذين يمكنهم أن يُبقووا العلويين ضمن اللعبة فالاستمرار مع الاسد كعائلة سيصبح قريبا عائقا اكثر منه مفيدا. 
وحدهم النظام الإيراني والمتأيرينون العرب من سيجد موضع قدمهم مهدد في سوريا. وعزائهم الوحيد أن يستمر وجودهم على الطاولة العراقية واعتماد الإدارة الأمريكية عليهم.  فأملهم دوما بخدمة المشروع الأمريكي في العراق كوسيلة للحوار مع الأمريكان.  معضلتهم ان هذا ليس بيد أوباما إلا لأسابيع ثلاثة أخر،  والقادمون إلى الإدارة الأمريكية لم يتعاملوا تاريخيا مع آيات قم إلا كشيطان لابد منه.  لذلك سنجد النظام الإيراني وأدواته "الأسد والعرب المتأيرنه"  هو من سيحاول جهده نسف الاتفاق الروسي.  

هذه ليست أمنيات بقد ما تفرضها خيارات كل لاعب في الساحة السورية،  وقد يبدو للبعض أن هناك خيارات أخر، ولكن الحقيقة أي خيارات تطرح تحتاج لعنصرين.  العنصر الأول هو تغيير موازين القوى على الساحة أما الثاني فهو امتلاك الإرادة السياسية والبرجماتية لفرض خيارات جديدة. إدارة الرئيس المنتخب ترامب قد تملك في جعبتها ما يبطل كل هذه الخيارات ويفرض خيارات جديدة، وحدها الأيام ستعلمنا في الأيام القادمة.  مما لا شك فيه أن خيار ترامب التعاوني مع روسيا له أعدائه الكثيرين في الطبقة السياسية الأمريكية،  فجمهوريين وديموقراط يتعاونون في الأيام الأخيرة لخلق قواعد قانونية واجرائية تكبل يدا الرئيس القادم وتجعل تقاربه مع النظام الروسي أكثر صعوبة استراتيجيا وإجرائيا. 
وأخيرا،  في هذه الأجواء الدولية تبق النصيحة الوحيدة لثوار سورية أن يدخروا سلاحهم فمازالت المعركة طويلة. أن أي محاولة لأشغالهم بمعارك جانبية مع أي طرف غير النظام لن يصب إلا بمصلحة النظام. 
  
محي الدين قصار

12\31\2016 

No comments: