Wednesday, November 30, 2011

يا سوريّة لا تعلني الحداد

للشاعر احمد مطر


له لسانُ مُدَّعٍ..
يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة 
يكادُ يلتَّفُ على الجولانِ والقنيطرة


مقاومٌ ... لم يرفعِ السِّلاحَ
لمْ يرسل إلى جولانهِ دبابةً أو طائرةْ


لم يطلقِ النّار على العدوِ
لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ
صحا من نومهِ
و صاحَ في رجالهِ..
مؤامرة !
مؤامرة !


و أعلنَ الحربَ على الشَّعبِ
و كانَ ردُّهُ على الكلامِ..
مَجزرةْ
مقاومٌ يفهمُ في الطبِّ كما يفهمُ في السّياسةْ
استقال مِن عيادةِ العيونِ
كي يعملَ في ” عيادةِ الرئاسة ”
فشرَّحَ الشّعبَ..
و باعَ لحمهُ وعظمهُ
و قدَّمَ اعتذارهُ لشعبهِ ببالغِ الكياسةْ


عذراً لكمْ..
يا أيَّها الشَّعبُ
الذي جعلتُ من عظامهِ مداسا


عذراً لكم..
يا أيَّها الشَّعبُ
الذي سرقتهُ في نوبةِ الحراسةْ
عذراً لكم..
يا أيَّها الشَّعبُ الذي طعنتهُ في ظهرهِ
في نوبةِ الحراسةْ


عذراً..
فإنْ كنتُ أنا ” الدكتورَ ” في الدِّراسةْ
فإنني القصَّابُ و السَّفاحُ..
و القاتلُ بالوراثةْ !


دكتورنا ” الفهمانْ ”
يستعملُ السّاطورَ في جراحةِ اللسانْ
مَنْ قالَ : ” لا ” مِنْ شعبهِ
في غفلةٍ عنْ أعينِ الزَّمانْ
يرحمهُ الرحمنْ


بلادهُ سجنٌ..
و كلُّ شعبهِ إما سجينٌ عندهُ
أو أنَّهُ سجَّانْ


بلادهُ مقبرةٌ..
أشجارها لا تلبسُ الأخضرَ
لكنْ تلبسُ السَّوادَ و الأكفانْ
حزناً على الإنسانْ


أحاكمٌ لدولةٍ..
مَنْ يطلقُ النَّارَ على الشَّعبِ الذي يحكمهُ
أمْ أنَّهُ قرصانْ ؟


لا تبكِ يا سوريّةْ
لا تعلني الحداد
فوقَ جسدِ الضحيَّة


لا تلثمي الجرحَ
و لا تنتزعي الشّظيّةْ


القطرةُ الأولى مِنَ الدَّمِ الذي نزفتهِ
ستحسمُ القضيّةْ
قفي على رجليكِ يا ميسونَ..
يا بنتَ بني أميّةْ


قفي كسنديانةٍ..
في وجهِ كلِّ طلقةٍ و كلِّ بندقية
قفي كأي وردةٍ حزينةٍ..
تطلعُ فوقَ شرفةٍ شاميّةْ


و أعلني الصرَّخةَ في وجوههمْ
حريّة
و أعلني الصَّرخةَ في وجوههمْ
حريّةْ

Tuesday, November 29, 2011

وطني كما أعرفه


لمن لا يعرف جول جمال اللاذقاني المسيحي وهاشم الرفاعي الإخواني المصري لنقرأ ما كتب الثاني للأول حول مافعل الأول للثاني :

قصيدة بور سعيد

كان الخريفُ يُظلُّ أحلامَ الرياضٍ النائمة
والبحرُ يُدرك أن أحداثا ستجري حاسمة
وتًحرك الأسطول يزهو بالحشود الآثمة
بالعار، عار المعتدين، وبالحقود العارمة
وتصفِّق الآمالُ في صدر الجموع القادمة:
النصرُ والفتحُ المُبين وأمنياتٌ حالمة
وغرورُها المجنون يحدوها سترجعُ سالمه
للرقص، عند "السين" و "التايمز" كانت واهمة
*************
فالشَطُّ: ماوجدوهُ مُصطافا جميلا، كان جمرا !
وتراجع الليل الذي نسجوه يوما كان فجرا
والتاجُ لم يَخلُدُ كما صنعوه بل صُغناه نسرا
والشعب لم يركع كما عهدوه بل وجدوه حُرا
فليرسلوا بجنودهم وعتادهم، جوا وبحرا
إني هنا في شاطئ البارود قد أعددتُ قبرا
لي، أو لهم، لابد من صبر يثير الهول مرا
لن يأخذوا مصرا، فإني قد صنعت اليوم مصرا
*************
وعلى الرمال، وبين إرعاد المنايا المطبِقة
كان الفتى يرمي الفضاءَ ينظرةٍ متألقة
في عينه عزم، وفي جنبيه نارٌ مُحنِقه
والجبهة السمراء تعكس روحه المتدفقه
هو مُبرِمٌ في نفسه أمرا، وهيأ زورقه
حتى إذا لمح الفريسة من بعيد أطلقه
فاشتد إعصارا تشيِّعه العيونُ المُشفِقة
وطواه موج البحر حين طوى الحشود المغرقة
*************
وتزاحمَ المتسائلونَ هناكَ عن هذا الشهيد
ذي السحنة العربية السمراء والبأس العنيد
أتراه من أهل الصخور، أكان من ريف الصعيد؟
وجرى الجواب على الشفاه، يهز أسماع الخلود
قد جاء من بلد وراء البيد، أقبل من بعيد
ليضيف عدة أسطر بيض إلى الأمل الوليد
فيقول جاري: هل سمعتَ لقد بعثنا من جديد
قد كان يحمي اللاذقية ههنا في بور سعيد

هذه القصيدة أتعبتني حتى وجدتها، وبمقدار بعدها عن التداول بمقدار بعد حالة امتنا عن مشروع حضاري موحد، هل بامكاننا أن نقرأ عن أي معركة تتحدث هذه القصيدة، هل ممكن أن تنطبق على سواحل غزة أم أم القصر في العراق، أم أنها تتكلم عن سواحل دجلة في كردستان العراق.

*جول جمال من اللاذقية استشهد وهو يدافع عن بورسعيد 1956 
http://ar.wikipedia.org/wiki/جول_جمال

http://ar.wikipedia.org/wiki/هاشم_الرفاعي

Saturday, November 26, 2011

لا تجعل العنكبوت أكثر نفعا منك:


تنتهي السنة الهجرية وتبدأ سنة أخرى،  وقد اختار المسلمون أن يبدأ تأريخُهم بيوم الهجرة المباركة،  وهذه الولادة تمت في لحظة أقرب ما تكون فيها الأمة إلى نهايتها من أي وقت قبلها وبعدها.  فلابد من أن تكون الولادة قريبة من الموت.  فشدة العتمة تسبق دوما انفراج الفجر الجديد.  فقد لجأ الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى الغار يختبؤون به عن أعين طالبيهم،  فأرسل الله عنكبوتا فنسج على مدخل الغار، فلما رآه الكفار انفضوا وقالوا ماكان لمحمد أن يدخل الغار وبيت العنكبوت مازال هنا. 
والله سبحانه وتعالى قادر على أن يخسف بالكافرين الأرض أو أن يمحقهم او ما هنالك من عقوبات يحمي فيها رسوله بجبروته وقوته،  ولكنه اختار بيتا من أوهى البيوت وهو بيت العنكبوت،  فالتدخل لإنقاذ الثورة لا يحتاج للكثير، فعندما تعجز القدرات الدنيوية عن الفعل وتصل إلى حدودها القصوى يأتي تدخل الله سبحانه وتعالى ليدفع بالخير نحو النجاح.  والله هنا يشير لنا أن تدخله لا يريد أن يلغي دور الإنسان بل يضعه في أبسط صوره وأضعفه بما هو كاف لتحقيق الغرض.
ومن ناحية ثانيـة فالله يشير لنا عندما نسموا إلى بناء رسالات الخير والحق بأنه حتى العنكبوت الصغير له دور في نجاح هذه الرسالات،  فنحن في ثورتنا أشد ما نكون لأن نفكر بهذه القصة ونتسائل هل من الصعوبة أن نقدم ولو دورا صغيرا كدور العنكبوت.  فكل جهد مهما صغر في هذه الثورة ضروري وعلينا أن لا نحقرنه،  فعلى الأقل أن لا نعجز عن أن نكون بقوة العنكبوت.  فالفرق بين الموت والحياة لم يكن سوى بيت العنكبوت. 
كل سنة وأنتم بخير
وكل سنة وأنتم أحرار

Tuesday, November 22, 2011

الحرية الفضاء الوحيد للإبداعات الجديدة واكتشاف الذات:



قبل ما يقارب سنة كتبت ونشرت مقالا بعنوان:  "هل علينا أن نخاف من الإسلاميين في سورية؟" وعلى أثرها تلقيت من الكثير من معارفي العلمانيين الذين يحلو لهم أن يصنفوني على أنني "إسلامي مستقل" رسائل تصل بين العتب والإستنكار إلى القطيعة والعداء.  طبعا لم تسموا أي من اعتراضاتهم لمستوى مناقشة فكرة واحدة من أفكارالمقال،  والبعض من الردود جعلتني  و"محمد عطا" في ركاب واحد، فكل واحد يرى الدنيا باللون الذي يصبغ به نظاراته.  وقد سعدت جدا هذه الأيام بعد ان انتصرت الثورة التونسية ونعمت تونس الخضراء ببعض الديمقراطية وأتت الإنتخابات بالشيخ الغنوشي إلى مركز القرار السياسي، وقرر ما قرره الشيخ الغنوشي،  ولكن سعادتي بما فعله الغنوشي عندما اثبت وبمرجعيته الإسلامية  انه حزب غير اقصائي وليس حزبا شموليا تغلبها سعادتي بأن بعض الأصدقاء الوطنيين من غير الإسلاميين لم يمنعهم ذلك أن يروا خطورة الخطوة وآثارها الرائعة على مسيرة أوطاننا.  لذلك إنني متفاؤل دوما بأن الخير لا يمكن أن ينتج عنه إلا الخير،  وأن من يختلف معي حول نقطة اليوم يجد في ذاته الجرأة لأن يعود لها إذا وجد المصلحة العليا للأوطان فيها. ألم اقل:  (إذِ الحرية لا يمكن أن تنتج "استبدادا" أو "تطرفا".  فإذا كان هناك اعتراف بأن الإسلاميين طوروا طروحاتهم تحت قصف الاستبداد والقهر، أليس من الأولى أن يستمروا بتطويرها في ظلال الحرية) وما ارسله لي بعض العلمانيين هذه الأيام يبعث للاطمئنان بأنهم ايضا قادرين على تطوير طروحاتهم في ظلال الحرية.  

Monday, November 07, 2011

سورية : حتى الجيش يخضع للاضطهاد



تتوقف السيارة عند حاجز للجيش أقيم على الطريق.  يقترب جندي شاب من السيارة يتبعه ملازم معه ثلاثة جنود آخرين وراءه بخطوات. يطلب الجندي من السائق هويته، يتفحص الهوية  ويقارن الإسم بقائمة طويلة في يده. لم يجد اسمه على قائمة "المطلوبين".  "أنت تعيش قرب محل البقالة الفلانية؟" يسأل الجنديُ.  يحدق في وجه السائق وكأنه يحاول أن يقرأ شيء في ذلك. وبعد تردد يجمع الجندي شجاعته ويرفع القائمة أمام وجهه. الملازم رفاقه الجنود الثلاثة يقفون في نصف دائرة وراءه بمثابة الجدار. يقرأ الجندي أربعة أو خمسة أسماء من الائحة قائلا: قل لهم لا يمروا على الحاجز. يريد اعطاءه مزيدا من الأسماء. لكن احد رفاقه رفع صوته بشتيمة للسائق وأمره أن "ينقلع"  معلنا إنهاء المشهد.  انطلق السائق وهو يحاول تذكر الأسماء التي سمعها للتو. وصل جندي من "الحرس الجمهوري" في هذه اللحظة مع نهاية للمشهد.
يخاطر هؤلاء الجنود والضابط بموت محقق وفوري بطلقة في مؤخرة الرأس لو أن الجندي الأخير شَهِد ما فعلوه على الحاجز حقا.  هؤلاء الجنود في الجيش السوري أتتهم الأوامر بمراقبة الحاجر وقد اعطوا قائمة أسماء للبحث عنها في كل سيارة تمر. الجميع يعلم أن القائمة هي لنشطاء سياسيين وغير سياسيين وحتى لمجرد متظاهرين تبحث عنهم قوات الامن.  أما الجندي الأخير (الشبيح) فهو رغم ثيابه العسكرية ينتمي لميليشيات الأسد شبه العسكرية ، يتقاضى أجرا يوميا يعادل راتب شهري لمعلم مدرسة الابتدائية. وقد مر في فترة 15 يوما من التدريب وأعد للاستخدام عند الحاجة.  ومهمتة وتخوله صلاحيات واسعة لا ضابط لها ومنها اطلاق النار على أي شخص بما في ذلك أفراد الجيش. ويقدم له قناصة الحرس الجمهوري من مكان غير بعيد كل الدعم الناري الذي يحتاجه.
هذا المشهد هو حدث طبيعي في كل يوم في المدن سورية. بعض المدن أو الأحياء ليسوا محظوظين مثل هذه الحي. فحصتهم تتجاوز حواجز الجيش. بل يجدوا أنفسهم في مواجهة غزو دبابات الحرس الجمهوري قصف سلاحه الجوي.
العديد من الجنود في الجيش السوري تجد نفسها بين المطرقة والسندان. وقد اعدم زملائهم الذين رفضوا اطلاق النار على المدنيين من جانب قوات أمن الأسد أو حرسه الجمهوري. وأعيدت جثثهم الى عائلاتهم مع التفسير القياسية بأنهم قتلوا على يد "ارهابيين مسلحين". وهذه المعانات تصل إلى جميع الرتب. فحتى أعلى الرتب في الجيش تشهد "التقاعد المفاجئ" والنوبات القلبية المفاجئة طوال الأشهر السبعة الماضية. وقد انشقت بعض القوات. والسؤال المطروح هو " الى أين سيفر المنشقون ؟" بعضهم التجأ إلى تركيا. وكيف ينجو هؤلاء الجنود من النظام السوري وعقوباته الجماعية. فالعميد هرموش ، على سبيل المثال، لجأ إلى تركيا تاركا عائلته وراءه. ألقي القبض على زوجته. دمر منزله. قتل شقيقه تحت وطأة التعذيب.
عندما أسمع هذه القصص ، وهذه القصص الرهيبة التي تتسربت من وراء الستائر الحديد المفروض على أنحاء البلاد من قبل النظام ، تزداد مخاوفي العميقة أننا يوما ما سوف نكتشف أن هذا ليس سوى غيض من فيض. فالمجتمع الدولي لديه تاريخ طويل وعادة على وصوله المتأخر دوما. فأنغولا والبوسنة هي أمثلة حقيقية لنتائج هذه العادة. السؤال هو: ماذا نتعلم من هذا التاريخ؟

نشرت بالإنجليزية بتاريخ 14 تشرين الأول 2011

Thursday, November 03, 2011

قبول النظام بالمبادرة مدعاة لمزيد من الحذر


سعدت جدا بإعلان الجيش السوري الحر عن وقف العمليات العسكرية كرد على قبول النظام السوري وقف العنف وسحب المظاهر المسلحة من شوارع سورية.  ولكنني لست متفائلا أبدا بمدى جدية النظام السوري بالتزام بوعوده.  ولكن ما نتج عن المبادرة العربية حتى الآن هو اعتراف عربي ودولي والأهم من كل هذا اعتراف واضح من النظام السوري نفسه أنه هو الذي يمارس العنف منذ اليوم الأول،  وهو ما يؤكد أول بيان أصدرته الجمعية السورية الأمريكية بعنوان "وقفوا القتل" في 4 نيسان حملنا فيه النظام المسؤولية الكاملة عن اعمال العف في سورية.  
ولكن هذا الموقف الجديد لا يرتقي إلى طموحات الشعب السوري وثورته المجيدة،  فانتفاضة الشعب قامت من أجل تغيير جذري في هيكل الدولة وعلاقاتها مع المجتمع،  وإرادتنا ماضية لا تراجع عنها حتى نصل لمبتغانا في بناء دولة الحق والقانون في سورية الجديدة.  وما زالت ردات فعل النظام لا تنم عن ثقة بأنه تلقن الدرس أو أنه فهم إرادة الشعب،  وأكثر ما أراه من حركته هذه هو محاولة لإكتساب بعض الوقت عله يجد تكتيكات قد يعتقد أنها ستنجيه مما هو فيه.  لذلك ما أتوقعه أن يقوم النظام باستبدال القوات المسلحة بميليشيات (الشبيحة) بعد أن يحول هؤلاء الشبيحة إلى ميليشيات عسكرية شبه رسمية كما فعل والده والذين من قبله من طغاة البعث والذين يستلهمون تكتيكاتهم من النظام النازي،  فعلينا أن لا نستبعد بأن نرى شوارع دمشق تمتلئ بقوات أقرب إلى سرايا الدفاع، أو الحرس القومي قبلهم،  بل هل نرى تشكيل سرايا جديدة تحت مسميات كلها اقرب لتنظيمات شباب هتلر أو ما شابهها.  
فقد أدرك الأسد أنه يحتاج إلى مثل هذه القوات ليواجه المحتجين المسالمين بعد أن وصلت تدهور حالة الجيش في عملية القمع إلى مستويات لا يمكن الإعتماد عليه.   لذلك علينا أن لا ننتظر من هذا النظام أي خطوة إيجابية وكل حركة يقوم بها يجب ان ننظر لها بعيني الريبة.   إن إقتراح الجامعة العربية والدعوة للحوار هي مناسبة جديدة لإعادة تفعيل ثورتنا السلمية ومدها بالمزيد من ماء الحياة،  وسنبقى في الشارع ما بقي النظام،  وسنعود إلى الشارع بعدها كلما اختل ميزان العدل في بلدنأ.   أما الذين سيذهبون للحوار في الجامعة العربية يجب أن يتمتعوا بالكثير من الحنكة السياسية ليتمكنوا من انشاء حوار جاد وبناء لتسهيل خروج النظام والتحول الديمقراطي دون مهادنة ولا تفريط بأهداف الثورة،  وأهم من هذا أن يتم الحوار حول نهاية النظام.  وأي حوار لا يضمن نهاية النظام بشكل جذري هو مضيعة للوقت.