Wednesday, December 14, 2022

كذبة كبيرة استطاعت أوربا أن تقنع العالم أن مهاجريها أتوا "سباحة".

في الثمانينات كان لدي صديقتين اختين من أبوين من المغرب، ولدتا في فرنسا، يسكن أهلهما بالمساكن الشعبية الفقيرة HLM  الغيتو العمالي. كانتا تدرسان القانون لتصبحا محاميتين.  وكانتا الأجنبيتين الوحيدتين في كلية الحقوق.  وكلما قدمتهما لصديق فرنسي ترى مباشرة ردة الفعل السلبة، والجيد منهم من يثير تعجبه وجودهما في كلية الحقوق. فهل منكم من يعلم هذا الشعور عندما تجد نفسك أن "وطنك" ينبذك. نحن في سوريا نجد شعورا جزئيا من هذا عندما نتعامل مغ نصيري من جماعة النظام، فيشعرك أنه لا وجود لك في هذا البلد.  اضرب هذه الشعور السلبي بعشرة اضاق مضاعفة لتدرك شعور المهاجر أو ابنه في اوربا.

فمن لم يغترب لم يعلم قيمة نجاح أبناء المغتربين ولا سيما المسلمين منهم في أوربا، فما نراه اليوم من توفيق لهؤلاء الأبطال لم يأتِ من فراغ، بل من تضحيات آبائهم وسباحتهم ضد تيار مجتمع أُحادي الثقافة. هذه الثقافة تكيدُ العداء و العنصرية وكراهية للمهاجر ولا سيما المسلم منهم . هذا العداء "عينّي" لا يمكن التخلص منه. برغم كل الجهود وحسن نية الطيبين من أهل البلد هذا العداء كان هو المصيطر.  ولا يمكن أن يهرب منه أبناء المهاجرين.  فهم يرونه في كل مكان من المدرسة إلى السوق إلى الجامعة.  فإن جاهدوا للنجاح يستفزهم أهل البلد ويحبطهم، وإن نجحوا يستكثر اهل البلد هذا النجاح عليهم. 

من أين أتى المهاجرين؟

كذبة كبيرة استطاعت أوربا أن تقنع العالم أن مهاجريها أتوا "سباحة".  بعد الاستقلال السياسي الظاهري لأفريقيا، كانت أوربا ولا سيما فرنسا في حاجة مستعمراتها ولا سيما حاجة يد العاملة الرخيصة في افريقيا.  فكانت ترسل فرق معها طبيب صحة إلى القرى الأفريقية وتعرض على الناس الهجرة، فمن كان عنده الرغبة ووجد الفريق انه مناسب ووجد الطبيب أن صحته جيدة للعمل فمنح حق العمل (لاحق الهجرة) عندما وصل إلى فرنسا، أخذ موقعه على خط الإنتاج.  في ذلك الوقت لم تبذل فرنسا أي جهد لتأهيلهم حتى لتعليمهم الفرنسية حقيقة.  أُسكن هؤلاء العمال في تجمعات سُميت فيما بعد "فويه سوناكاترا"   

Société nationale de construction de logement de travailleurs

 التي تأسست عام 1956 من قبل وزارة الداخلية الفرنسية.  رغم أن هذه التجمعات السكنية رخيصة بسب المساعدة الحكومية، ولكنها أبعد ما يكون عن العيش الفعال لمساعدة العمال على التأقلم.  فأحسن ما تراه في الغرفة أنها تتألف من سرير ومغسلة وكرسي وطاولة، إن مددت ذراعيك إلى أقصاها فستلمس الحائطين، وكل جناح (عدد من الغرف) يشترك بحمامات جميلة نظيفة وتوفر الماء الساخن للجميع.  ويشارك الجناح بمطبخ وبراد ومكان للطعام. 

هكذا تدور حياة هؤلاء المهاجرين في المعمل والغرفة بانتظار الصيف ليملأ المهاجر سيارته بما يحتاج أهله في البلاد ويذهب لهم ليمضي عطلة الصيف معهم. كثير من هؤلاء المهاجرين الأوائل لم يتأقلموا بداية مع المجتمع الفرنسي ولم يتطوروا مع مجتمعاتهم الأم.  ومن يهاجر كما هاجرتُ يعلم أن المهاجرين لا يعلموا أهلهم بمشقاتهم وبلاوي الحياة في الغرب. وأعتقد أن هذه القضية هي التي ساهمت في رسم الصورة الخيالية في مخيلة الناس في الجنوب عن الحياة "المخملية" التي يعيشها ابناءهم في الشمال.  مع الوقت أنشئت تجمعات مشابهة، ولكن على شكل شقق يمكن للعائلة أن تسكنها سميت HLM هي أقرب لصناديق اسمنتية من أي شي آخر.

علينا الاعتراف بأن هذه الأوضاع تحسنت عبر الوقت بالنسبة للمهاجر، ولكن الجهد المبذول في هذه البلاد لاستيعاب المهاجر ثقافيا وتأمين حضور ثقافي له كان محدودا ولم تستطع فرنسا أن تدرك الفرق الثقافي ولاسيما مع المسلمين إلا مع بداية القرن الواحد والعشرين.  وحتى هذا الإدراك لثقافة المهاجر لم تكن حيادية، فأرادت أن ترى هذه الثقافة من جهة نظر سلطة تدخلية في حياة المهاجر دون نظير لها للتدخلات في حياة غير المهاجر.  فما زالت فرنسا متأخرة عن كثير من الدول الأوربية الأخرى باعتبار المهاجرين كثروة وطنية، فعوضا عن تحييدهم تحتاج أن تقر بأنهم عماد للصناعة والتقدم الفرنسي.  أما معاركها التي تفتحها معهم من فترة لأخرى فلن تفيدها شيئا. 

وقد استطاعت فرنسا أن تخدع نفسها باعتقادها أن معركتها مع مترين من القماش يُدعى "الحجاب" ولكن في الحقيقة هذا الوهم تعتبر خط الدفاع الفرنسي الأخير، فالثقافة الفرنسية لم يبق لها من معابد إلا المنشأة الاقتصادية الفرنسية (الشركات) ومن هنا فإن هذه الشركات تخترق يوميا بجيل جديد من الأبناء المهاجرين نراهم في كثير من مواقع الإنتاج ويتزايدون بسرعة في مواقع القرار الاقتصادي.  ومن الواضح أن فرنسا كعادتها تريد أن تخفي الشمس بغربال، فحربها تهدف ان لا يأتي يوما ترى فيه نساء المهاجرين في مواقع قراراتها بحجاباتهن.  فتتناسى أنها هي التي دعت آباءهم وأجدادهم لناء الاقتصاد الفرنسي، فتتساهل معهم عندما كانوا نساء ورجالا يعملوا بتنظيف المعامل، أما إدارتها وقيادتها فلا.  فهذه لن تكون إلا محاولة لتأخير المحتوم.  

اليوم فريق فرنسا والمغرب سيلتقيان في تصفيات كاس للعالم.  كسوري أمريكي مسلم أعلم الصعوبات والجهود التي بذلها دمبلي أو حكيمي ليصلا إلى ما وصلا له. وانتصار أي منهما هو انتصار لنا أجمعين. 

 



محي الدين قصار

شيكاغوا 12/14/2022

نصف ساعة قبل المباراة 

Wednesday, September 07, 2022

انتصار سوريا اليتيم بأيد غير سورية:


 

انتصار سوريا اليتيم بأيد غير سورية:

مر الانتصار السياسي الوحيد لسوريا الثورة دون أن ينتبه له أحد، فلا أحد من النظام ولا من المعارضة العصماء ولا من جيش الدورجية "الأبرياء" ادرك عمق ومعنى هذا الانتصار. فقد حققت تركيا لنا هذا الانتصار المتمثل باتفاق أكبر ثلاث دول معنية (روسيا وتركيا وإيران) على "وحدة الأراضي السورية" وهذه هي الوثيقة الوحيدة خلال السنوات الخمس الماضيات التي تعترف أنه لا اتفاق ولا حلول مقبولة ما لم تكون "سورية" وحدة سياسية واحدة.  وهذه إرادة سياسية تركيا ونهج تركي من ثوابت السياسة الخارجية التركية على مدى عشرين سنة الماضيات. وهذه النقطة تقف في حلق كل من له علاقة بسورية من دول الكبرى.  ولا نستطيع أن نقول إن هناك فضلا لأي من القوى الثورجية أو الثورية أو المعارضة في هذه القضية.  فالإنجاز بذاته تركيٌ بحت، استطاع الأتراك بحنكتهم أن يحشروه في حلق الروس والإيرانيين.  طبعا الأتراك لهم مصلحة قومية كبرى بهذا الإنجاز فوحدة الأراضي السورية تعني استقرارا في تركيا.  وهو انجاز يخرج معارضا لكل المطلوب دوليا.

فالولايات المتحدة تكلمت مرارا عن ضرورة انتقال المعارضة السورية إلى الغرب بعيدا عن تركيا، فبرأيها أن تركيا تترك أثرا غير إيجابي على مواقف المعارضة. ولكن امريكا تخفي حقيقة في ذهن مخططيها مفادها أن الحل في سورية قد يكون شبيها بالحل في العراق. وأن سورية مقسمة بين العرب والأكراد والعلويين/الشيعة هو الحل الأمثل الذي يضمن استقرار نسبي، ويحول الصراع في الشرق الأوسط إلى صراع "خفيف الكثافة" مما يضمن قدرة أمريكية على استمرار التعامل معها دون الخروج عن السيطرة.   

طبعا هذه الرؤية تناسب جزئيا كل من النظام الإيراني والروسي.  ففي حال التقسيم سيخرج كل منهم بعميل محلي يخدم مصالحه ولو كان يدور في فلك القوى الأخرى.  بل منذ 2016 تُسوَّق فكرة أن كل دولة تقوم بإعادة بناء قسم من سوريا، وقد سوقت له روسيا بشكل رئيسي على أمل أن تستطيع أن تلتف هي وإيران على الحظر الغربي على أموال إعادة البناء.  ولكنه فشل هذا التسويق بحكمة التعامل التركي الألماني وثبات قدم العربية السعودية في هذا المجال.

من هنا يأتي الاتفاق التركي الثلاثي كنصر لسوريا الثورة ولمخلصيها في الوقت التي اضطرت لقبوله قوى الاحتلال على كراهية بعد أن عجزت عن إفشاله.  ومن هنا نجد أن جيش من الدورجية هب لمعارضة هذا الاتفاق بهذه الحِدّة، فالاتفاق وضع إطارا يخلق العثرات في طريق التقسيم الذي تسعى له القوى الكردية الانفصالية، ولا يناسب فسد وخواتها التي تأتمر بالأمريكي فلا بد لها من الوقوف ضد هذا الاتفاق، أما الطرف الثالث فهم حثالات الثورة ومدعي زعامة الجيش الحر المتأخرين الذين باعوا انفسهم للأمريكي وشاركوا معه في الهجوم على عين العرب والرقة ولو كانت مشاركة اسمية.  فقد اكتشفنا (الأمريكيون) ان هؤلاء "الضباط" لا يمتون للعمل العسكري بصلة ولا يحملون من صفة الضابط إلا اسمه.  ولم نستطع أن نستعملهم إلا إعلاميا حسب تعبير أحد كبار الضباط الأمريكيين. ويستمر استعمالهم على هذا الأساس.

سواء كان من وقف ضد هذا الاتفاق من هؤلاء أو هؤلاء، فالأحداث "الإعلامية" التي تلتها تؤكد بأن الثورجية-الدورجية لا يدركون الفرق بين الموقف السياسي والتصريح السياسي.  ولا يدركون من مصلحة الوطن شروى نقير، والأهم من كل هذا أن سورية مازالت تحكمها العقلية "دون الوطنية" فالرؤى المسيطرة على الجماهير ما زالت رؤى مناطقية وعشائرية بل وعائلية.  وأن هذه الرؤى لم تبق حبيسة في الأرض السورية، بل انتقلت مع المهجرين إلى مغترباتهم، فمازال عامة القوم، اللهم إلا اللم، لم يتعلموا في مغاربهم أي شي جديد عن معنى الوطنية أبعد من معاني العشائرية ومصالحهم الضيقة.

 

محي الدين قصار

شيكاغو 7/7/2022         

 

Wednesday, July 06, 2022

ما الذي يحدث مع حماس:


مع الترتيبات الجديدة في الشرق الأوسط ومحاولات اسرائيل لإنشاء "ناتو" عربي هناك دفع جديد في المنطقة نحو منطق جديد. طبعا لن يتحقق #الناتو_العربي بما نتخيله كمثيل للناتو الأصلي، ولكن سيتمكن النظام العربي من اختزاله ليكون سلسلة اتفاقات سرية وبروتوكات غير مُعلنه للتعامل مع السيناريوهات المحتملة.
ولن تتمكن إيران من التقرب من القيادات الثورية السورية وأغلقت القيادات الخليجية الباب بوجه حماس، فلم يبق من أحد يمكن التباحث معه لرسم أطر التحالفات المواجهة للـ"ناتو العربي" سوى من حوارات حماس العقيمة.
ستستغل حماس قريبا الضربة التي سـتتعرض لها من إسرائيل إن فشلت مساعي الأخيرة مع النظام الإيراني وإن لم تفشل فستكون كبش الفداء الذي تحقق به اسرائيل نصرا اعلاميا بينما تقف إيران والمتأيرنين العرب موقف المتفرج بعد أن اسقطت بيدها البعد الأخلاقي للقضية الفلسطينية وعندما طارت قيادتها من الطائف إلى قم مباشرة وعندما قام حلفائها باحتلال القصير السورية 

محي الدين قصار
7/6/2022


Monday, June 27, 2022

القصة وراء قصيدة " زهر البيلسان

 قصيدة " زهر البيلسان" التي غنّتها فيروز كتبت لهؤلاء الثلاثة في الصورة

استمع للقصيدة
أحدهم شاب حلبي ....

جاءت القصيدة على لسان الشاعر اللبناني طلال حيدر ، والتي أعاد ملحّنها زياد الرحباني ، سردَ تفاصيلها في وقت سابق ، قائلاً :
اعتاد الشاعر طلال حيدر شُرب فنجان قهوته الصباحي و المسائي على شرفة منزله المطلّة على غابة تقع على مقربة من منزله .
مرّت فترة من الزمن عندما كان طلال حيدر يشرب قهوته الصباحيّة، و هو يلاحظ دخول ثلاثة شبان إلى الغابة في الصباح، وخروجهم منها مساءً، و كلّما دخلوا و خرجوا سلّموا عليه.
وكان هو يتساءل: ماذا يفعل هؤلاء الشبان داخل الغابة من الصباح إلى المساء؟إلى أن أتى اليوم الذي ألقى الشبان التحية على طلال حيدر في الصباح ودخلوا الغابة، وفي المساء خرج طلال حيدر ليشرب قهوته لكنه لم يرَ الشبان يخرجوا فانتظرهم لكنهم لم يخرجوا، فقلق عليهم، إلى أن وصله خبر يقول: إنّ ثلاثة شبّان عرب قاموا بعملية فدائيّة وسط الكيان الصهيوني، و عندما شاهد صور الشبّان الثلاثة فوجئ أنّ الشبان الذين استشهدوا هم أنفسهم الشبان الذين اعتاد أن يتلقى التحية منهم في الصباح و المساء
وعُرفت تلك العملية بعملية الخالصة، التي نُفذت في مستوطنة كريات شمونة، شمال فلسطين المحتلة، في صباح 11 نيسان 1974، وكان أبطالها من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، وهم الفلسطيني "منير المغربي"، والحلبي السوري"أحمد الشيخ محمود"، والعراقي "ياسين موسى فزاع الحوزاني".الذين استشهدوا في تاريخ العملية التي اسفرت عن مقتل 19مستوطن وجرح 15آخرين إضافة إلى الخسائر المادية.التي جعلت الاحتلال الصهيوني يئن وهو الذي صور بأن مواطنيه في أمان كامل ولا يمكن لاحد ان يتعرض لهم فكانت تلك العملية وصمة عار في جبين الاحتلال وفاتحة العمليات الاستشهادية الفلسطينية . 

Saturday, June 25, 2022

نهاية القضية الفلسطينية على يد حماس:

 

خلافا للشائع لم تعرف اسرائيل عزلة أخلاقيا مثل عزلتها هذه الأيام، وتأتي أفعال حماس لإنقاذها من هذه العزلة. فكل ما بقي من القضية الفلسطينية هو البعد الأخلاقي لقضية شعب هُجّر وسُرِقت أرضه. فما تفعله حماس - من خلال ادعاء الواقعية الزائف ـ هو جريمة بحق القضية الفلسطينية. لذلك اسمحوا لي ببعض المرونة لأبين البعد اللاأخلاقي لتصرفات حماس في علاقتها مع الدكتاتورية الإيرانية والسورية؛ فمحامي الشيطان بقول لنا أن واقعنا اليوم بأن هناك الملايين من الناس (اليهود) ولدت وعاشت في الأرض الفلسطينية لا تعرف لها وطنا آخر إلا فلسطين؛ فماذا تفعل بهؤلاء؟  فأي ادعاءات من أجل تحرير فلسطين بالطريقة التي تنادي بها حماس ما هي إلا ادعاءات بأن يُلقى من وُلِد وعاش عمره على أرض فلسطين من اليهود في البحر، أو أن يُرحّلوا إلى خارج فلسطين بطريقة أو أخرى.  والذين ينظرون إلى هذا الواقع يدافعون عن الممارسات العنصرية الإسرائيلية على أنها "الواقع القائم". فلسان حال الشيطان يقول: فعلينا نسيان جرائم الكيان الصهيونية من قتل و سجن وترحيل ومصادرة الأراضي، لأن المشكلة تجاوزت حدود الجيل الأول وأن الأجيال الإسرائيلية الجديدة لا ذنب لها.    

 كذلك اليوم تقدم حماس من خلال عبادتها لمفهوم القوة المتأيرنه ومن خلال التعامل مع أذناب هذه القوة في سوريا وفي لبنان وفي العراق  وفي إيران بحجة "الواقع القائم" فأنها تسلب من القضية الفلسطينية كل بعد أخلاقي قد يسمح بتحرير فلسطين في يوم من الأيام. فمن تستطف معه حماس من المتأيرينين العرب وغير العرب قاموا بارتكاب كل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين؛ فمن العراق إلى لبنان ومن شمال سورية إلى اليمن الحزين يقوم حلفاء حماس بممارسات تتجاوز بإجرامها الممارسات الإسرائيلية.  والعالم اليوم بما فيهم من يتعامل مع إسرائيل كأمر واقع ولكنهم لا يتعاملون مع جرائم إسرائيل كأمر واقع. وهم يعرفون الضياع الأخلاقي لوجود إسرائيل، ولكنهم يرون أيضا تعامل الفلسطينيين مع لصوص وطغاة الشعوب الأخرى؛ فلم يعد للفلسطيني أي اسبقية أخلاقية في مطالبته بالأرض الفلسطينية، فمن لا يأنف من ممارسات في بلد لا حق له بادعاء أنها ممارسات أخلاقية في بلد آخر. 

وهكذا أضاعت حماس القضية الأخلاقية ولم تستطع أن تكسب شبرا من الآراض.،  فإن الحق يأتي دون فاعل بينما الباطل زهوقا بطبيعته كما قال الله سبحانه وتعالى : {80} وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُإِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً {81}، فحركات حماس الرعناء أخرجت فلسطين من ضمانات الحق لتجعلها في نفس مستوى باطل عدوها. 

 محي الدين قصار 

6/25/2022  

 




Thursday, April 07, 2022

الخطوة القادمة 1

الكثيرون يتكلمون عن تشكيل كتل ومسميات جيدة؛ ولكن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها سوريا والعراق ولبنان اليوم أنها تحتاج لرؤية، و"إسقاط النظام" ليس برؤية حقيقية صالحة لأن تجمع حولها مجموعة عمل صالحة.  فمن يريد أن يفعل هذا عليه أن يكون مستعدا لوضع قيم إنسانية وقواعد عمل مشتركة ومظلة عالية تجمع الدين والدنيا معا في رؤية مستقبلية تقف مقابل الكانتونات المحيطة وتتجاوز القومية والوطنيات المحلية ؛ وتشكل امتدادات متينة مع الدول الصالحة من الجوار.    

Thursday, March 03, 2022

مقابلة طويلة حول الوضع في اوكرانيا

 https://youtu.be/r9F6AWQoClU  


قضية وحوار | الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على العرب وعلى العالم

Wednesday, January 12, 2022

تصنيع القرار السياسي في واشنطن بين الجد والهزل

 في السنة الأولى من الثورة (وقبلها) كنت أردد قائلا:  "لو أن وزيرة الخارجية الأمريكية تفكر بشأن سوريا ربع ساعة اسبوعيا فسأكون مبالغا"،  طبعا من يتابع الاخبار فقط يرى أبواب المعبد الفرعوني تنفتح آليا عندما يشعل الكهنة النار فيحسبها الناس أنها سحر من عمل الكهنة، ولكن لا يعلمون أن هناك آلية في المدخنة متصلة بالباب فإذا ارتفعت الحرارة فيها دفعت بالأبواب للإنفتاح فيحسبها المغفلون سحرا.  كذلك متابعي الأخبار في هذه الأيام.  وطالما طفقت أشرح لأصدقائي السوريين والعرب والمسلمين طريقة صنع القرار السياسي في القصر الأمريكي ولكن طول الطريق ومشقة الفهم تحيل دائما بين الإنتقال من الإدراك للتطبيق وبين النظرية والفعل.  

شاهدت فيلما يعتبر من الـ"كوميديا السوداء"  اسمه "لا تنظر للأعلى https://www.netflix.com/title/81252357   هذا الفيلم مُسلي ولو لم يكن لك مصلحة في إدراك عمل صناعة القرار السياسي في واشنطن وإدارة الإعلام داخل مؤسسات توجيه الرأي العام "الحرة" في مراكزالإمبراطورية الأمريكية.  فالفيلم في الأصل ينوه على ثقافة التجهّيل التي يشهدها المجتمع الأمريكي خلال الثلاثين سنة الماضيات انطلاقا من حملة شعبوية المجتمع والتشكيك بالمرجعيات.  فبينما تُسقَط هذه المرجعيات "العلمية" التي تحمل ديالكتيك التصحيح والتقويم الذاتي التي بنت في القرنين المنصرمين الـ"عظمة الأمريكية"، يتحول المثقف والمختص في هذه الـ"ثقافة الجديدة"  لإنسان مشكوك فيه ومنبوذ بل خائن.  

طبعا القضية ليست جديدة على المجتمعات الإسلامية ومجتمعات العالم الثالث.  فمع غزو"الأعراب" المدن من خلال الإنقلابات العسكرية في حقبة ما بعد الإستقلال شهدت مجتمعاتنا عمليات التصحير والترييف لثقافات بلادنا (اقرأ: مقالنا الأعراب: معالجة ليست العنصرية في القران)  بنفس الطريقة التي نشهد تحولات الوضع الثقافي في أمريكا، حتى أن طرمب و اليمين الأمريكي يتهم سكان المدن بـ"اليسارية". 

خلال هذه الخاطرة  أحببت أن ادعوا القارئ العربي ولا سيما السوري الذي يحمل "حلم امرؤ القيس" بأن يدخل القصر في روما، وأن يقوم البيت الأبيض بمعونته كما أعانت روما إمرؤ القيس قبل 2500 عاما بأن يشاهد هذا الفيلم. ويتعلم منه آليات اتخاذ القرارات في كل من النظام السياسي والإعلامي،  وإن بدى الفيلم "فكاهي"  ولكنه ليس بعيد أبدا عن حقيقة القرارات السياسية هنا.  

فالثوابت التي علينا إدراكها أن مهما تملك من حقيقة ومهما تملك من إنسانية ومهما قدمت من شهداء فلا ناصر لك في واشنطن ما لم تحسن تقديم قضيتك والتعامل معها كما يفهمها القصر لا كما يفهم الحق. وأنا لا أقول أن نُهمل النظام الأمريكي ولا نتابعه، ولكن لا بد من متابعته على أسس حقيقية تدرك طريقة عمله القائمة وتستخلص منه ما يسمح نصرة قضيتنا.  وهناك تفاصيل يمكن أن اضيفها هنا ولكن لا أريد ان أفسد على القارئ متعة مشاهدة الفيلم.   لأن أحداث الفيلم من الممكن أن تتطبق على دفع "نيزك يهدد كوكب الأرض" أو تغيير نظام يقتل الأطفال في النصف الثاني من الكرة الأرضية.  

محي الدين قصار

شيكاغو 1/12/2022