من مراسلاتي القديمة: تقرير داخلي لقيادة إعلان دمشق في الداخل:

كتبت هذا التقرير قبل الثورة السورية بسبعة أشهر،  كتابته آخذت وقتا طويلا ولكن قرائته والعمل عليه يأخذ وقتا أكبر لو كان عندنا سياسيين :-) 


تقرير داخلي لقيادة إعلان دمشق في الداخل: 
الكاتب:  محي الدين قصار
آخر تحديث: الإثنين 9 آب 2010

السادة في هيئة الرئاسة لإعلان دمشق في الداخل:
السادة في الأمانة العامة في الداخل:
السلام عليكم.  وبعد. 

كما فعلت في السنوات الماضيات، أقدم لكم التقرير التالي من موقعي في الولايات المتحدة،  وهو يتضمن قسمين:
الأول القسم السياسي حيث سأقدم رؤية لموقف الإدارة الأمريكية من النظام السورية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام. الذي يعتمد على "رأيي المتواضع" ومعرفتي بالنظام السياسي الأمريكي.
الثاني القسم الإداري جيث سأكتب وجهة نظري عن المعارضة السورية واعلان دمشق كما أراها لا بعيني السياسي ولكن بعيني" المستشار التقني في ادارة الأعمال."  وأحب أن اؤكد هنا على أنه ما اقوله هنا لا علاقة له بنيات البعض ولكن له علاقة بتركيبات العمل والإدارة القائمة حتى الآن. 
وقد تجدون هذا الرأي يفيدكم في اتخاذ المواقف المناسبة أو يضيف وجهة نظر إلى ما تحملونه من معرفة ؛ كما أحب أن أعلمكم بأنني أرحب بأي أسئلة قد تكون لديكم حول العلاقات السورية الأمريكية وتحبون أن أدرس بعض نواحيها وموافاتكم بـ"إجتهادي" حولها.   
وعندي رجاء أن تحاولوا قدر الإمكان أن تجنبوني - أو تحموني – من أي مشاكل او مهاوشات سياسية قد ينتج عن هذه التقارير في صفوف المعارضة في الخارج،  فأنا كمستقل غير متعود على المثل هذه الأمور التي قد يتعود عليها ابناء الأحزاب العريقة.  فعندما أرسلت لكم تقريري شهر ايلول 2009 علم به البعض في الخارج واستصدروا قرارا يحصر المراسلة معكم إلا عن طريق رئيس الأمانة المؤقتة.  وعندما أرسلت لكم تقريري في كانون الثاني 2010 علم به البعض في الخارج وأصبحت "وجه المقبحة" وكأنني أنا الذي خلقت المشكلة.  وإن كانت تقاريري لا تفيدكم وأنتم في غنى عنها، فلن أنزعج إن اعلمتموني بذلك. 
على أمل سماع رأيكم وتوجيهاتكم تفضلوا بقبول الملاحق المرفقة.

محي الدين قصار.
شيكاغو
سكايب:  kassarm
708-856-9816




الملاحق:
2.    منتدى الأتاسي مشروع بحث عن حقيقة غير وحدانية:  تعقيب على مقال عيد: آثار العقل الفقهي. 
5.    أهم????????????? الخارج. 

6.     
القسم الأول:  الإدارة الأمريكية الجديدة وسورية

أعتقد بأن تقريري الماضي (تقرير ايلول 2009) حول السياسة الأمريكية تجاه الشرق الاوسط مازال قائما،  وأن عملية التحضير الهزة[1] في المنطقة مستمرة على قدم وساق في أروقة السياسة الأمريكية وإن كان الرأي العام مبعدا عن هذا التحضير ظاهريا ولكن عمليا وصلت أدواة التعبئة وأجهزتها إلى مرحلة من الجاهزية بحيث يمكن للإدارة هنا أن تستغلها عند الحاجة. (حاشية: سأسميها "الهزة" في تقريري هذا لكي أتجنب الدخول في حيثيات ماهيتها، هل هي حرب شاملة ام قصف جوي، ام أنقلاب أو أم شئ آخر،  المهم أن الهزة تمنع استمرارية الوضع القائم.  )
فالرأي العام هنا توقف عن الاستماع عن امكانية حل "مريح" وانتقل النقاش عن كيفية هذا الحل، فنقاش السياسيين هنا هو حول إدارة القادم ليخففوا من أعبائه وتكاليفه لا ليتسائلوا عن امكانيته او عدم امكانيته. 
أما على الصعيد السياسي الداخلي فالخياران موضع النقاش هما:
الأول: هل يتملك الديقراطيين لهذه الهزة ويتخذوا قرارها قبل الإنتخابات (خريف 2010)  فتصبح هزة يملكها الحزب الديمقراطي مئة بالمئة وبالتالي يدخلوا الانتخابات وقد رسموا صورة لهم قوية في مجال الأمن القومي (عادة ما يصفهم الجمهوريين بالضعف في نواحي الأمن القومي)؟ 
الثاني: أم أنهم سينتظرون لما بعد الإنتخابات حيث سيفقد الديمقراطييون اغلبيتهم الساحقة في الكونغرس وبالتالي يشعروا بحرج أقل حيث يصبح الإجماع حول الهزة أكبر بقرار يشارك به الديمقراطيين والجمهوريين معا. 

القرار حول هذين الخيارين يتعلق بعدة نقاط أهمها:
1.    تقدير التكاليف الناتجة عن الهزة فكلما زادت توقعات التكاليف كلما رجحت كفة الخيار الثاني. 
2.    أهمية التوقيت بالنسبة للوبي الإسرائيلي،  فاللوبي الإسرائيلي مهتم بهزة قريبة تنهي حزب الله عسكريا وتدمر القدرة النووية لإيران مع ابقائها على النظامين الإيراني والسوري، وهذا الهدف أقرب للتحقيق في سيناريوهزة قبل الانتخابات.  
3.    رغبة الإدارة الأمريكية أن لا تخرج اسرائيل مستأسدة بعد الهزة، بحيث تخضع لحلول تنهي عوامل التفجير في المأساة الفلسطينية.  وربما نجد استمرارا لـقصقصة اجنحتها - دون اضعاف قدرتها الدفاعية - الذي نلحظ آثاره في انكشافات خلايا عملائها في لبنان وفضيحة قتل المبحوح في الخليج مثلا. 
4.    تطور الوضع في افغانستان، فالإدارة الأمريكية مهتمة بامتدادات نتائج الهزة على الوضع هناك، ويهمها أن لا تتحول هذه إلى عامل لتعاون شيعي-سني في غرب افغانستان، وهزة قبل الشتاء تسهل هذا التعاون ولاسيما إذا اتخذت طابعا عسكريا عميقا أوطويلا. 
وبكل الأحوال فالهزة للمنطقة لا بد أن تأتي خلال السنوات القليلة القادمة، وما يهمنا في سورية كيف تتموضع المعارضة السورية بالنسبة للصورة الكبرى. 

فما يهمنا في سورية:   
فكما قدمت في تقريري السابق اننا علينا أن لا ننتظر تحولات كبيرة في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة مع الرئيس اوباما، فالعدائية لنظام السوري ستبق هي الأساس،  ولكن قد نلاحظ تغيير في لهجة الحوار دون اي تغيير في المحتوى، وقد اكتشفنا كيف أن الإنفتاح أنه مجرد كلام دون فعل على الأرض وإن كان النظام السوري بحاول أن يبدي العكس.  وما زالت واشنطن دون أي سياسة معلنة حقيقية تجاه سورية.  ومازال هذا الغياب مقصودا بذاته،  فقد تمكنت هذه السياسة من فكفكة بعض الخطوط التي كانت بيد النظام السوري، فقد تم فك ارتباطه بأوراق اللعب التي في يد النظام:  
1.    حماس،  اليوم انتقل خيط حماس الشعبي إلى الأصابع التركية،   وإن كانت سورية تعتبر ان القيادة السياسية لحماس مازالت معها ورأيي ان هذا وَهمٌ من قِبل النظام السوري.  فالعامل الشعبي اهم بكثير من العامل السياسي ولاسيما بعد ان خزلت إيران وسورية وحزب الله غزة على الأقل أمام شارعها وستفقد سورية قريبا أي تأثير لها على أرض الواقع.  
2.    الأكراد:  لا يمكن أن تمر العلاقة السورية التركية دون المرور بكردستان،  وبعد التطورات الأخيرة لم يعد هناك ما يمكن أن يقدمه النظام لتركيا،  بل على صعيد الكردي، لتركيا مصلحة حقيقية بأن تقوم في سورية ديمقراطية حقيقية طالما حافظت على الوحدة الوطنية ضمن الحدود السورية،  فالأكراد في تركيا تتحسن أوضاعهم مع كل يوم، وتقدم أوضاع المواطن الكردي في سورية يسهل استيعاب حركات الإستقلال الكردي. 
3.    لبنان:  أتى اشتباك الجيش اللبناني مع الاسرائيلي قبل يومين لتأكد على دور الدولة في الدفاع عن الحدود.  وحزب الله يعتبرها مزاودة على دوره دون ان يتمكن من التصريح به، لذلك نجده يحاول تجيير الموضوع باعلان رئيسه انه سيدافع عن الجيش اللبناني.  وكما قدمنا في التقرير الماضي بأننا نعتبر أن دور حزب الله بالفعل على أرض الواقع قد انتهى وأن دوره العسكري قد تم تحييده.  بل أننا نلاحظ هذه السنة أن هذه التراجعات تطال حتى حلفائه السياسيين في المعارضة اللبنانية امثال عون وجماعته،  واكتشافات شبكات التجسس والعملاء لإسرائيل في صفوف المعارضة تقوم بتقليص مجال الفعل لهذه المعارضة.  ما زلنا عند اعتقادنا بأن انفتاح اللبناني على النظام السوري هو انفتاح واهم ولا يمكن أن يعتبر دليل عودة النظام إلى لبنان رغم ادعائاته "الصحفية"،  فالسياسي لبناني - مهما يكن عداءه للنظام السوري - لا مصلحة له أن يتحمل دم النظام السوري أو النظام الإيراني على يديه.  وكلما اقترب موعد الهزة كلما لاحظنا زيادة بيانات التقارب الاعلامية بين السياسيين في لبنان والنظام السوري على الأقل.
4.    العراق:  انتهت القضية العراقية كهم أولي للأمريكان ولا يمكن أن يقايضهم أو يتاجر معهم أحد من أجلها.  والنظام السوري يدرك هذا فهو لا يملك ما يقدمه للأمريكين إلا ضرب المقاومة السنية التي لم تعد على لائحة اعداء امريكا،  فرغم ازعاجاتها ولكن اي تراجع على الصعيد السني هناك لا يتم إلا لمصلحة الجانب الشيعي،  وهذا الأمر غير مرضي عنه في هذ المرحلة إلى ان تنشأ رؤية اوضح للمسألة الإيرانية.  
وبرأيي - وبهذه المناسبة - يهمنا هنا أن ندرك دور الجماعات الدينية في العراق وقدراتها وأهمية أن نجعلها تشعر بأنها عليها أن تلعب بأدوات مختلفه في الساحة السورية لتجنب تهميشها،  وأننا في المعارضة السورية ندافع عن حريات السوريين بما فيها حرية انتماءاتهم السياسية وحتى حرية ارتدائهم للنقاب.  ومن يعتقد بأن الوقوف ضد حظر النقاب في سورية هو تقربا من الأمريكيين فهو واهمٌ لا يعلم كيف يفكر الأمريكيون واسس علمانيتهم.    

كما ترون لم تحمل السنة هذه مفاجئات غير متوقعة على صعيد العلاقات السورية الأمريكية.  ما زالت توصياتنا السابقة قائمة،  من المهم ان نأخذ بعين الاعتبار الشعور والانطباع بغياب النشاط المعارض في سورية.  وأعتقد من الضروري أن تبادر قيادة اعلان دمشق لوضع سناريوهات ردات فعلها وتجعلها جاهزة لاحتمالات الهزة كلها،  فالهزة قادمة، ومن المهم أن نضع ردات الفعل التي تزيد من احتمالات التغيير وتخفف تكاليف التغيير إلى اقل ما يمكن.  ومن خلال نقاش مسبق لهذه الأفعال فلا نبدوا في حالة ارتباك كمن فاجأته الأحداث أو تفوتنا فرصة الفعل المنتج في الوقت المناسب.  ومن المهم التأكيد بشكل مستمر على لبعض النقاط في حوارنا مع الولايات المتحدة ووإن بدت بديهية، ولكن لا بد من تكرارهم لتأكيد الانطباع على أننا مدركين لهم ونحاول تحاشيهم قدر الإمكان:
1.    أن الديمقراطية في سورية لن تأت بالحرب الاهلية وأننا واعون لوجود الحرب الأهلية كاحتمال ولكننا نفكر ليلا نهارا بتجنبها. 
2.    أن سورية الديمقراطية ستبق ضمن حدودها الدولية المعترف بها وأننا نضع كل الحسابات الممكنة لتجنب تجزيئها.
3.    أن سورية بعد الأسد لن تكون بأي شكل من الأشكال كالعراق في السنوات الماضيات.   



القسم الثاني:  إعلان دمشق والمعارضة السورية: كيف يبدو من الخارج

أعتقد من الضروري داخليا أن نراجع انجازات اعلان دمشق في سنواته الثلاثة، وقد بحثت عن مقالات تدافع عن إعلان دمشق كخط معارض وبكل أسف لم أجد هذه السنة ما يستحق الذكر بالدفاع عن هذا الخط،  هذا لا يعني أن هناك غيابا لمواقف التضامن مع شخصيات وقيادات الإعلان التي في السجن،  فهذه المواقف كثيرة، ولكن السؤال الذي يجب نقاشه داخليا برأيي عن انجازات الإعلان وعن إدراك عناصرنا من جهة وشارعنا للخط الذي يسير عليه الإعلان،  فلا يبدو أنه هناك وضوح لدور الإعلان، حتى مفهوم "التغيير الديمقراطي السلمي" الذي تبناه الاعلان غير واضح ولا يبدوا لأحد انه هناك قناعات بقدرة الاعلان لأن يتحول إلى أداة التغيير.  وأنا لا اتكلم من باب التهديم،  فهذا حديث داخلي لا بد أن يكون صريحا،  وللمقارنة أرجو مراجعة حديثي "الخارجي"،  لذلك أرجو مثلا مراجعة مقالي في الملحق الأول والذي نشرته القدس العربي في شباط 2010 تحت عنوان إعلان دمشق في سورية:  ما يخشاه النظام وما فات عن البعض، حتى نشاطا مثل "منتدى الأتاسي" الذي يعتبر نفسه نشاطا رئيسيا من انشطة الإعلان لقي نقدا من عدة أطراف ومن بينها الإستاذ عبد الرزاق عيد الذي كان يهاجم التجربة لأنها فتحت المجال لبعض من كان في الإعلان للتهجم على الإعلان، مما اضطرني لكتابة مقالي المذكور في الملحق الثاني تحت عنوان: منتدى الأتاسي مشروع بحث عن حقيقة غير وحدانية تعقيب على مقال عيد: آثار العقل الفقهي.  أما الأعمال التي تبني على طروحات الإعلان وتحاول أن تتقدم بها خطوة نحو الأمام فهذه حدث ولا حرج عن غيابها؛  وإن كان بامكانكم اعتبار مقالي في الملحق الثالث: من أجل مجتمع جديد: ماوراء الهم الديمقراطي جزء من هذا العمل أو محاولة بهذا الاتجاه.  ونحو رؤية ايجابية للمعارضة السورية في مقالي: حيوية المعارضة السورية: لابد من أدراك لطبيعة العمل السياسي.   

إذا ليس القصد من هذا الكلام هو النقد بقدر ما هو البناء.  فالإعلان اليوم يحتاج لمراجعة شاملة لطرق عمله في الداخل والخارج والخطاب الذي يوجهه للناس.  فالجميع يعرف بأن الاعلان يهدف إلى تغيير النظام ولكن كيف؟ وما هي الخطوات، وما هي الإستراتيجية وما هي التكتيكات؟ لا أحد يعرف،  حتى أكثر الناس نشاطا سياسيا تجدهم يتسائلون عن آلية اتخاذ القرارات داخل الاعلان، ومن يفعل ماذا؟ هو السؤال الدائم عند الجميع. 
هذه الأسئلة مهمة وتحتاج إلى أجوبة جدية، فالقاعدة في السياسة العامة: إن لم تجب على أسئلتهم فسيجدون غيرك من يقدم اجابات بما لا تريد. وهذه الحقيقة لمسناها في الخارج من خلال الكثير من الشائعات. 

الإعلان كما يبدو من خارجه:
يبدو للناس الإعلان في الداخل في حالة جمود والجميع ينتظر اطلاق سراح قادته الكرام،  وخلال هذه الفترة ملأت الشائعات الفضاء المعارض في الخارج وساضع لا ئحة لعدد من هذه الشائعات في ذيل هذا القسم.  مقدار صدق هذه الإشاعات وحقيقتها ليس مهما هنا، ولكن هذه القضايا لها تبعاتها الإدارية والسياسية وآثارها السلبية على عملنا

ضرورة الفكر الإستراتيجي:  
ما زالت المعارضة السورية في الخارج لا تملك استراتيجية للتغيير،  وهناك نقاشات كثيرة حول طبيعة الحكم سواء الحكم القائم ام الحكم الذي يحاول كل من هذه المعارضات اقامته، ولكننا لا نرى أي شي حول استراتيجية التغيير.  فأقرب ما وصل له الاعلان من شي يشبة "استراتيجية التغيير" هو اعلان المبدأ "التغيير السلمي التدريجي."  ولكن هذا مبدأ وليس استراتيجية فكيف سينتقل إلى حقل التطبيق؟  وهذا الأمر يعتمد على كثير من الامور. فهناك:  استراتيجية التأثير وتوجيه الرأي العام المغترب،  استراتيجية انشاء خطاب يتعامل مع الرأي العام الغربي،  وهذه بعض الأمثلة،  ورؤية أهمية هذه الاستراتيجيات يسمح بعدها أن نناقش أدوات وآليات التطبيق لتحويل هذه الأستراتيجيات لحقائق قائمة.  فرغم محاولاتي المتكررة لإنشاء حوار حول استراتيجية تغيير عملية وتطبيقية في الأمانة المؤقتة في الخارج ، ولكنني لم استطع حتى أن اجعل البعض يرى ضرورتها،  فهناك دوما خلطا بين استراتيجية والأعمال الإدارية،  وبما أن المسؤولبن عن الإدارة هم نفسهم المسؤولون عن عملية التخطيط الاستراتيجي، فإننا نجد دوما العقبات في رؤية أهمية مثل هذه الاستراتيجية.  فاعلان دمشق لا ينقصه الاستراتيجية وحسب بل أشعر أن بعض قياداته (على الأقل في الخارج) لا تشعر حتى بهذا النقص.  فمن يتكلم عن العصيان المدني مثلا تسأله كيف ستصل بالمواطن في سورية إلى هذه المرحلة فلايمتلك جوابا.  فأن نمتلك راديوا مثلا فهذه أداة أما الاستراتيجية فتحدد كيف نستعمل هذا الراديوا لننقل مجموعة افكار ورؤى للمواطن تتكامل في تحويله لإداة للتغيير.  وهذه القضايا لا وجود لها في فكر المعارضين هنا.  وعندما سألت عن الاستراتيجية الإعلامية للقناة مثلا أتتني ورقة تحمل فقرة تقديمية للبرامج الثلاثة التي تعرضها (نفس الفقرة التعريفية الموجودة على الانرتنيت) وهذا امر مقلق لأن هذه الفقرات لا يمكن ان تكون استراتيجية وأن من يعتبرها استراتيجية لا يعلم ماذا تعني كلمة استراتيجية بكل أسف. 
لا تختلف المجموعات الأخرى من المعارضة عن اعلان دمشق في موضوع الحاجة إلى الفكر الإستراتيجي،  فجبهة الخلاص ماتت منذ سنتين ولم يعد هناك من عنده شك بذلك.  فهي كانت مثال آخر على أن توفر قناة تلفزيونية وانشاء علاقات صداقة مع بعض القيادات العربية أو الدولية عاملان ضروريان لحركة المعارضة، ولكنهما لا يمكن ان يكونان كافيان لنجاح المعارضة.  فمجرد قطعت هذه العلاقات اصاب الجمود كل شيئ.   كما حاولت بعض الشخصيات المغتربة والتي تسمى مجموعة 23 شباط التجمع تحت ميثاق شبيه ياعلان دمشق،  ولكنها أيضا لم تجد زخم التواصل الضروري لتتحول إلى شئ ما على أرض الواقع.  يبق أممنا حركة الأخوان المسلمين الذين يعملون كالعادة في فضاء وبارادايم مختلف،  فأعتقد أنهم ما زالوا بعانون انشراخا بين قواعدهم وقياداتهم،  اما القيادة الجديدة فلن نستطيع أن نتبين توجهاتها في القريب العاجل وإن كانت علنيا أكدت استمرارية خط القيادة السابقة وهذا ما شك فيه. 

يبق هناك مجموعة من المستقلين ومن المتفلتين من إطار الأحزاب التقليدية ومن فقد الأمل من الإخوان أو جبهة الإخلاص ممن يتمنى أن ينخرط بصورة أو أخرى بالمعارضة السورية.  ولكن المشكلة التي نواجهها حقيقة هو قدرة قيادة الإعلان في الخارج على تجميع هؤلاء في بوتقة واحدة،  او تحت مظلة الإعلان،  فالإعلان في الخارج يحتاج من يملك التوازن الفكري والقدرة على استيعاب كل هؤلاء مبتعدا بفكره عن القضايا العقدية (دوغماتية)،  فلا بد من الحكمة الكبيرة في التعامل مع كل هؤلاء ولاسيما أن المسائل التي يطرحها أبناء الأحزاب داخل الإعلان في الخارج لا علاقة لها بآليات التغيير واستراتيجياته،  فكل الجهود تستنزف في مسائل الهوية وحال الحكم بعد الأسد عوضا عن أن تؤجل كل هذه القضايا ليتم التركيز على استراتيجيات التغيير ووآلياته. 

نتائج الآليات الموضوعة والمتبعة على العمل المعارض: 
هنا علينا أن نذكر أن العلاقة مع الداخل امر خطير ومصيري في تطوير أي مستقبل لحركة المعارضة في الداخل،  فحتى الآن لا ينظر لهذه العلاقة إلا من منظار التبادل المالي، - بغض النظر فيما إذا كان هذا الأمر صحيح أم غير صحيح-  فالانطباع بأنه طالما تتم عملية التمويل وإيصالها بالطريقة المتبعة خلال السنوات الماضيات ستبقى علاقة الخارج مع الداخل محكومة من قبل "المراسل المالي" حسب تعبير البعض.  فلذلك لا بد لنا من فصل المسئوليات  وتجنب تراكمها.  هذا الأمر له تبعاته على العمل المعارض في الخارج،  فالهدف له تأثير على الجهد نفسه،  فقد بات الهدف الأول لكل المجموعات المعارضة هنا وبما فيهم قيادة الإعلان هو استجلاب العروض والنقود من الحكومات الغربية،  وعوضا عن العمل على بناء امتدادات شعبوية في الشارع المغترب هنا، فكل ما تحتاجه هذه المجموعات هو ان تشكل لجنة من خمسة أشخاص تستعملهم كواجهة لاكتساب شرعية والحصول على بعض النقود لفتح صفحة على الإنترنيت.  حتى الأمانة المؤقتة لم تستطع أن تنجز سوى هذا ولكن على حجم أكبر. 
وهذا الأمر لا يكون سيئا بذاته،  ولكن له نتائج جانبية قاسية،  إذ أن شهرتنا بأننا نركز على هذا الجانب جعل أي محاولة لخلق امتدادات شعبوية grass root  في المغترب تبوء بالفشل،  فالامتدادات الشعبوية لها آلياتها المختلفة تماما عما يحدث في مثل هذه المجموعات،  ولكي تملك مساندة الشارع لابد لنا من أحد الشرطين: أولا: أن نتحلى بدرجة عالية من الشفافية امام شارعنا،  وهذا بطبيعته لا يتفق مع الطبيعة السرية لعملية "التمويل"،  ثانيا أن تملك درجة عالية من المسؤولية والمحاسبة أمام مجموعة صغيرة تثق بهم الجالية ويملكوا مرجعية اخلاقية وائتمانية ذاتية.  وفي كلا الحالات لابد للشارع أن يرى عملية فصل واضحة للمهمات والمسؤوليات بحيث ينعزل السياسي عن المالي،  ويتحرر السياسي من سيطرة الإداري،  وهذه القضية أبعد ما تكون حتى الآن عن نشاطات المعارضة بشكل عام واعلان دمشق في الخارج.  ومن الصعب جدا أن نقنع الناس بالعطاء والتضحية هنا بينما هم يتهمونا بتلقي التمويل وغياب الشفافية. 
وهذا ليس تحليلا نظريا فحسب بل له على أرض الواقع نتائج،  فخلال دعوتنا لاجتماع الجمعية العمومية للجنة أمريكا السنة الماضية،  تلقينا الكثير من الاتصالات يرغب أصحابها بالمشاركة بالإجتماع ولكن هؤلاء يعرضون عن القدوم مجرد أن نعلمهم أن نفقات سفرهم ستكون على حسابهم،  وبعضهم قالها صراحة "يعني على كل حال هذه نقود أنتم أخذتموها من الأمريكان."  طبعا هذا غير صحيحولكن الوضع كما يراه الناس له نتائج على العمل المعارض:  لأنه بهذه الطريقة تصبح المعارضة عمل من لا عمل له،  وسرعان ما نجد أنفسنا محاطون بكل عوامل الفشل.  وهذا الكلام ليس محصورا على الناس العاديين بل أنني في الأمانة المؤقتة طالبت ولما يقارب السنة الآن تشكيل لجان تحضيرية من أجل الإشراف على برنامج عمل الإجتماع الأول للمجلس الوطني،  فأحد الأخوة في الأمانة أجابني بالحرف الواحد: "لانحتاج لاي لجنة أو تحضير، دبروا مصاري تكاليف المؤتمر وأنا بعملك أحلى مؤتمر"  هذا الأمر يعكس أدراكا محدودا لما يجعل انعقاد المجلس ناجحا،  وقد لا يكون مزعجا من رجل عادي أما من رجل في موقع المسؤولية فقضية تحتاج نظر.  فالتمويل أمر ضروري ومساعد للنجاح ولكنه لايضمن نجاح أي عمل بذاته. 

الوضع لا يبشر مع انعقاد المجلس الوطني في الخارج: 
هذه النقاط وأمثالها ستبقى قائمة مع استمرارية الوضع الحالي، وقد كنت أطمح بأن الوضع سينتهي بمجرد انعقاد المجلس الوطني في الخارج، ولكني لا أرى أن هناك آلية لإحداث هذا التغيير،  فالخطط الموضوعة تتجه لتعزيز الواقع القائم بل اعطائه مزيدا من الشرعية باسم المجلس في الخارج. فعوضا عن الدفع باستقلال المسؤوليات ومنع تراكبها نرى توجها باستمراريتها،  فعلى سبيل المثال:  بمراجعة النظام الداخلي للمجلس في الخارج االذي اعترضت على الكثير من نقاطه دون جدوى، وأُرسل لكم واقررتموه وارسلتموه لنا مع السيد أنس العبدة رئيس الامانة المؤقتة على أنه نسخة نهائية،  نجد أن المادة السادسة ستخلق حالة بحيث بعد أن يتم انتخاب عضو المجلس الوطني في الخارج  بامكان لجنة بلده أن تسقط عنه العضوية بأغلبية الثلثين (يعني ثلاث أصوات مقابل صوت واحد في لجنة خماسية)،  وبامكان الأمانة العامة في الخارج أن تجمد عضوية أي عضو في المجلس بأكثرية ثلثي مكتب الأمانة العامة.  أنا لا اعرف ما هو الغرض من وراء ذلك.  بل اجد صعوبة إدراك كيف يمكن لجهاز تنفيذي كالأمانة العامة ان يعلو على جهاز تمثيلي كالمجلس الوطني فيعلق أو يجمد عضويات بهذا الشكل. 
لقد وضحتُ هذه النقطة للسادة أعضاء الأمانة المؤقتة واعتقدت أننا حذفنا هذا من النص، ثم أعود أجدها من جديد بعد اقراركم.  وهذا غيض من فيض.  فهل هذه الأمور ستنتج عنها علاقات سليمة بين اللجان والمجلس والأمانة العامة في الخارج على المدى الطويل؟  وهل ستتمكن اللجان بعد هذا من الإلتفات للعمل الشعبوي؟  فهذه قد لا تكون غلطا، ولكن عندها لماذا إذا نسعى لتشكيل المجلس وانخراط الجميع في العمل.  فإذا كانت الأمانة العامة تقوم بواجباتها في خدمة الإعلان فلماذا لا نكتف بها؟ وسينتج عنها قريبا نتيجة مباشرة فكلما تغيرت لجنة في بلد ما سيتغير مبعوثيهم للمجلس.
ومن المفيد أن نعط مثالا آخر هنا:  عندما أعلنا عن موعد انعقاد المجلس أرسلت رسالة لأعضاء المجلس الوطني بغية انشاء "رابطة اليكترونية" تساعدنا على التواصل بيننا في عملية التحضير لانعقاد المجلس.  فقد رفضت كل دعواتي السابقة بتشكيل لجان تحضيرية للمؤتمر، وتم الإصرار على استبعاد اعضاء المجلس أو اللجان من اي قرار او مشاركة سابقة.  قوبلت اقتراحاتي بالرفض من بعض أعضاء الأمانة المؤقتة ولا سيما رئيسها،  وبعد نقاشات ساعات في اجتماعنا في الأمانة الموقتة تمت الموافقة أخيرا على تشكيل لجنة "توصيات واقتراحات" على أن يرأسها الأخ كامران حاجو (السويد) وعلى أن يقوم كل بلد باختيار عضوا واحد في اللجنة.  وهذه أول مرة توافق الأمانة المؤقتة على انخراط أحد في نشاطها منذ اليوم الأول لتشكيلها. 
وأنا أكتب هذه القصص كأمثلة وليس للشكوى،  فهذه دليل على المشكلة التي أحب أن أنبهكم لها،  ومعالجة هذه القصص وحدها لن يفيد شيئا، فلا بد من معالجة المبادئ الإدارية الحاكمة لآلياتنا.  وأكثر ما أخشاه اليوم أن الصورة المرسومة من الخارج للمجلس الوطني يجعل الفاعلين والمنتجين في صفوف المعارضة يتجنبونه، وسمعت هذا من عدد لا بأس منهم،  وسنجد أنفسنا نجتمع مع مجموعة لا تنسيق ولا عمق لها لا في العمل المعارض ولا دور لهم في مجتمعاتها وفي بلدانها.  ونحن اذا استعرضنا اسماء اعضاء اللجان والمنتخبين في المجلس في الخارج نجد الكثير منهم لا يجيد حتى لغة البلد الذي يعيش فيها (ولاسيما في اوربا)، وهذا الأمر لا يُعيب إن كان هو الأقلية في لجنته وهناك من يملك العمق الضروري للعمل المعارض،  أما إن تكون هذه الظاهرة هي السائدة فالقضية فيها مشكلة. 

مبأدئ قد تكون صالحة كنقطة انطلاق: 
أخيرا أحب أن أختم ببعض النقاط التي قد تساعدكم على بداية النقاش نحو استراتيجية جديدة: 
1.     لابد من تبني استراتيجية إدارية واضحة ومعلنة للإعلان في الخارج. 
2.     لا بد من تجنب عملية تراكم المسؤوليات وتركزها.
3.     علينا تجنب وجود أي عنق زجاجة في خطوط تواصلنا أو في خطوط قراراتنا. 
4.     اتخاذ موقف واضح وصريح حول موضوع التمويل. 
5.     هناك قاعدة بسيطة نحتاج لتطبيقها وهي فصل المسؤوليات، مما يقتضي:   
a.    استقلال القناة بشكل كامل واقرار قاعدة بأن إدارة القناة لا يمكن أن تشغل منصبا سياسيا في الإعلان في الداخل أو الخارج والعكس صحيح. 
b.    من الممكن تشكيل لجان لمراقبة أداء القناة الإداري المالي والإعلامي ولكن المراقب دوما لا يتلق راتب والذي يتلق راتب لا يصدر قرارات سياسية.  
c.     لا بد من استقلال مراسلكم المالي عن مراسلكم السياسي. وخضوع المالي لمراقبة السياسي.   

أرجو أن تكون هذه الملاحظات مفيدة. وأرحب بكل أسئلتكم وملاحظاتكم.



[1]  سأسميها "الهزة" في تقريري هذا لكي أتجنب الدخول في حيثيات ماهيتها، هل هي حرب شاملة ام قصف جوي، ام أنقلاب أو أم شئ آخر،  المهم أن الهزة تمنع استمرارية الوضع القائم.  

No comments: