Thursday, September 28, 2017

لماذا يجب أن لا أشترك بخطوط الهاتف العربي أو الإيراني:


بأي وقت من الليل أو النهار يأتيك هاتفهم المزعج بقلة أدب وسماجة يحاولوا أن يقنعوك بأن تشتري منهم خدمات التلفون الدولية والإتصالات وخدمات القنوات الفضائية.  وسواء رفضتهم بادب أو قلة أدب فسيستمروا بسماجتهم بلا كلل ولا ملل. ولو حاولت أن تجري حديثا متأدبا معهم فستجدهم متأدبين ولكن كل همهم معرفة ما ذا تفعل ومن هم أصدقائك ... إلخ.  أعتقد الكثيرين من المغتربين العرب في أمريكا يعانون من هذه الظاهرة.  ولكن القلة القليلة من ينتبه للبعد المخابراتي لهذه الظاهرة. 
فمن السهل إدراك قدرة شركة الإتصالات الدولية بربط كل منا بأصدقائه وقدرتها على تقديم شبكة العلاقات التي تواصل معها كل منا إلى طغات العالم العربي.  فالولايات المتحدة الأمريكية لاتحتاج تقنيا لأن نكون مشتركين معها لكي تفعل هذا ولاسيما بعد القواين الجديدة التي صدرت بعد فضيحة التجسس في 2013.  فهي بإمكانها بناء هذه الشبكة دون أن تحتاج لأن نستعمل خطوطها التلفونية. ولكن الحكومات العربية استمعت إلى مقولة مبارك "امريكا لا تغطي أحد"  ولا يريدون أن يبقوا في هذه النقطة الإستخباراتية تابعين لها. وقد رأينا مباشرة بعد إنقلاب السيسي على الرئيس الشرعي والوحيد المنتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر (مرسي) كيف دفعت الثورة السورية ثمنا باهظا من الإعتقالات ولا سيما في دمشق، لأن بعض الشباب اهمل هذه النقطة الأمنية.  وإن كانت هذه الإعتقالات لم تطال الرجالات المنخرطين مباشرة في الثورة؛  ولكن طالت بعضا ممن صدف أن كانوا في حلقات اتصالاتهم الإجتماعية التي رسمتها الإتصالات التلفونية لهذه الشركات. 

من المهم أن نعرف أن القانون الفيدرالي الأمريكي يحرم اتصالات هذه الشركات بالناس،  فالقانون أنشئ لائحة أرقام (ممنوع الإتصال بها)  Do not call list.  وكل فرد يسجل رقمه في هذه اللائحة فلا يحق لهم أن يتصلوا به.  طبعا أنا مسجل أرقام هواتفي في هذه اللائحة.  القانون يحتم على كل مُسوّق أن يتأكد أن الرقم الذي يتصل به غير مسجل فيها.  وكل مخالفة لهذا غرامتها عشرة آلاف دولار لكل حدث.  يعني أذا اتصلوا معي 3 مرات هذه مخالفتها ثلاثين ألف دولار. ومن الممكن ان نتخيل الرقم الخيالي لو أننا جمعنا كل هذه المخالفات.   فمن الواضح أن هذه الشركات تشعر بأنها في مأمن من هذه المخالفات وأن الحكومة الفيدرالية لا رغبة بها بإزعاج حكومات هذه البلدان إلا بالوفت المناسب. 

من الممكن أيضا أن نرى آثار مخابرات الأنظمة العربية في زيارات بسيطة مع بعض المعرفة التقنية لبعض غرف التواصل الإجتماعية مثل واتزأب وأشباهها المفتوحة للجميع.  بل أن مداخلات "افراد الأنظمة" في هذه الغرف لا تسعى فقط لمعرفة من في الغرفة بل تسعى لأبعد من هذا في بعض الأحيان.  فنرى كيف الأنظمة تسعى للتأثير في الرأي العام وتشكيله من خلال نقاشات الغرف والمبادلات فيها. 

نقول دوما أن أن انجح المؤتمرات السياسية العربية هي مؤتمرات وزراء الداخلية العرب، وكذلك تعاون هذه الأنظمة في هذا المجال لا يحتاج لإثيات.