قالُـوا: تُعَيِّدُ والدِّماءُ تَسِيْـلُ * * * وبكلّ نَاحٍ صَرْخَـةٌ وعويلُ؟!
قَالُوا: تُعَـيّدُ والبِـلادُ أسيرةٌ * * * والسّيْفُ فوقَ رِقَابِنَا مَسْلولُ؟!
قالُوا: تُعيِّدُ والأيَامَى تَشْتَـكِي * * * مُرّ الْحَيَاةِ ولَيْلُهُـنَّ طَويْلُ؟!
أَنّـى لِعِـيْدٍ أنْ يَحُـلَّ بِدَارِنا * * * والنَاسُ فيْهَـا هَارِبٌ وقتيْلُ؟
أنّى لِعِـيْدٍ والفوَيْسِقُ جَاثِـمٌ * * * فَوْقَ الصُّدُوْرِ، وظِلّهُ لَثَقِيْلُ؟
فِي الشّامِ أضْحَى آمِراً أوْ نَاهِيًا * * * ونَرَى الرَّعَاعَ لِمَا يُشيرُ تَمِيْلُ
ضَحَّى الْخِيَارُ كِبَاشَهُمْ في قُرْبَةٍ * * * للـهِ، فيهِ رجَـاؤُهمْ مأْمُول
وضحِيَّةُ الأَشْـرَارِ رهْطٌ فِيْهِمُ * * * خَيْرُ الشَّبَابِ ورُضَّعٌ وكُهُوْلُ
فَعَلُوا عَجِيْبًـا مِنْ قَبِيْحِ جَرائمٍ * * * مَا قَطُّ كانَ لِمَـا أَتَوْهُ مثيْـلُ
هُمْ يَقْـتُلُونَ الأَبْرِيَاءَ وبُوقُهُـمْ * * * يَشْـكُوْ بِأَنَّ الْقَـاتِلِيْنَ فُلُـوْلُ
ظَنّـوْا بِأَنْفُسِـهِمْ ذكَاءً خَارِقًا * * * وسِـوَاهُمُ فِي عَقْلِهِ مَخْبُـوْلُ
ونَسُوا بِأَنَّ اللهَ فَاضِحُ مَكْـرِهمْ * * * ولَنَــا بِذَلِكَ حُجَّـةٌ وَدَلِيْـلُ
كَمْ مِنُ عُتُـلٍّ ظَـنَّ أنّ مَقَامَهُ * * * يُنْجِيْـهِ ثُـمَّ أَصَابَهُ التَّنْكِيْـلُ
وثِقُـوْا بأصْحَابٍ لَهُمْ يَحْمُوْنَهُمْ * * * مِمَّـا يُـقَدِّرُ رَبُّنـَا ويَقُـوْلُ
فتفَرَّقُوا عَنْهُمْ وأَضْحَوا قِصَّةً * * * فيْهَا تَحَارُ جَهَـابِذٌ وعُقُـولُ
قالُوا: تُعَيِّدُ؛ قلتُ:لا، فَالْعِيْدُ فِي * * * حُرّيَّـتِيْ مُتَـعَلِّقٌ مَوْصُـوْلُ
قالُـوا: إذَنْ هيَـا إليهَـا إنّهَا * * * فِيْ الشّامِ تُطْلَبُ والرّجَالُ فُحُولُ
قالُوا: تُعَيّدُ؛ قلتُ:كيفَ وإنَّني * * * في حِمْصَ فِي أخَواتها مَشْغُولُ
قالُوا:ولكِنْ حِمْصُ عَيَّـدَ أَهْلُهَا * * * حَـوْلَ الشّهيْـدِ وعِيْدُهمْ تهْليْلُ
كمْ كبَّروا،كم هلّلوا،كم زغْرَدُوْا * * * وعَلَى الأَكُفِّ مُكَـرّمٌ مَحْمُولُ
لَبِسُوا بَيَاضَ ثِيَابِهمْ في عِيْدِهمْ * * * حَمَلَتْهُمُ نَحْـوَ الْجِنـَانِ خُيُولُ
لمّا عَلَوا صَهَـواتِهَا هتَفُوا بِهَا * * * طِيْـرِي بِنَا فَلَنَا هنَاكَ أُصُولُ
نُظَراؤُهم في الشّامِ كانوا فِتْيةً * * * أثنى الإلـهُ عَلَيْـهِمُ ورَسُـولُ
إنْ شِئْتَ عِيْدًا فالْتَمِسْه بِدَارِهِمْ * * * فَالعيْدُ فيْهِـمْ طَعْمُـهُ مَعْسُولُ
عِيْدُ الشآمِ يَكونُ في تَحْرِيْرِهَا * * * من مارِقٍ فيها طَغَى ويَصُوْلُ
ويَعُمُّ فيهِ العدْلُ كلَّ رُبُوعِهـا * * * ويكون فيْـها للظّـلامِ أُفُـولُ
فأجَبْتُـهمْ: إنّي إذًا لَمُعَــيِّدٌ * * * سَتُدَقُّ في عُرسِ الشّهيْدِ طُبُولُ