Monday, November 07, 2011

سورية : حتى الجيش يخضع للاضطهاد



تتوقف السيارة عند حاجز للجيش أقيم على الطريق.  يقترب جندي شاب من السيارة يتبعه ملازم معه ثلاثة جنود آخرين وراءه بخطوات. يطلب الجندي من السائق هويته، يتفحص الهوية  ويقارن الإسم بقائمة طويلة في يده. لم يجد اسمه على قائمة "المطلوبين".  "أنت تعيش قرب محل البقالة الفلانية؟" يسأل الجنديُ.  يحدق في وجه السائق وكأنه يحاول أن يقرأ شيء في ذلك. وبعد تردد يجمع الجندي شجاعته ويرفع القائمة أمام وجهه. الملازم رفاقه الجنود الثلاثة يقفون في نصف دائرة وراءه بمثابة الجدار. يقرأ الجندي أربعة أو خمسة أسماء من الائحة قائلا: قل لهم لا يمروا على الحاجز. يريد اعطاءه مزيدا من الأسماء. لكن احد رفاقه رفع صوته بشتيمة للسائق وأمره أن "ينقلع"  معلنا إنهاء المشهد.  انطلق السائق وهو يحاول تذكر الأسماء التي سمعها للتو. وصل جندي من "الحرس الجمهوري" في هذه اللحظة مع نهاية للمشهد.
يخاطر هؤلاء الجنود والضابط بموت محقق وفوري بطلقة في مؤخرة الرأس لو أن الجندي الأخير شَهِد ما فعلوه على الحاجز حقا.  هؤلاء الجنود في الجيش السوري أتتهم الأوامر بمراقبة الحاجر وقد اعطوا قائمة أسماء للبحث عنها في كل سيارة تمر. الجميع يعلم أن القائمة هي لنشطاء سياسيين وغير سياسيين وحتى لمجرد متظاهرين تبحث عنهم قوات الامن.  أما الجندي الأخير (الشبيح) فهو رغم ثيابه العسكرية ينتمي لميليشيات الأسد شبه العسكرية ، يتقاضى أجرا يوميا يعادل راتب شهري لمعلم مدرسة الابتدائية. وقد مر في فترة 15 يوما من التدريب وأعد للاستخدام عند الحاجة.  ومهمتة وتخوله صلاحيات واسعة لا ضابط لها ومنها اطلاق النار على أي شخص بما في ذلك أفراد الجيش. ويقدم له قناصة الحرس الجمهوري من مكان غير بعيد كل الدعم الناري الذي يحتاجه.
هذا المشهد هو حدث طبيعي في كل يوم في المدن سورية. بعض المدن أو الأحياء ليسوا محظوظين مثل هذه الحي. فحصتهم تتجاوز حواجز الجيش. بل يجدوا أنفسهم في مواجهة غزو دبابات الحرس الجمهوري قصف سلاحه الجوي.
العديد من الجنود في الجيش السوري تجد نفسها بين المطرقة والسندان. وقد اعدم زملائهم الذين رفضوا اطلاق النار على المدنيين من جانب قوات أمن الأسد أو حرسه الجمهوري. وأعيدت جثثهم الى عائلاتهم مع التفسير القياسية بأنهم قتلوا على يد "ارهابيين مسلحين". وهذه المعانات تصل إلى جميع الرتب. فحتى أعلى الرتب في الجيش تشهد "التقاعد المفاجئ" والنوبات القلبية المفاجئة طوال الأشهر السبعة الماضية. وقد انشقت بعض القوات. والسؤال المطروح هو " الى أين سيفر المنشقون ؟" بعضهم التجأ إلى تركيا. وكيف ينجو هؤلاء الجنود من النظام السوري وعقوباته الجماعية. فالعميد هرموش ، على سبيل المثال، لجأ إلى تركيا تاركا عائلته وراءه. ألقي القبض على زوجته. دمر منزله. قتل شقيقه تحت وطأة التعذيب.
عندما أسمع هذه القصص ، وهذه القصص الرهيبة التي تتسربت من وراء الستائر الحديد المفروض على أنحاء البلاد من قبل النظام ، تزداد مخاوفي العميقة أننا يوما ما سوف نكتشف أن هذا ليس سوى غيض من فيض. فالمجتمع الدولي لديه تاريخ طويل وعادة على وصوله المتأخر دوما. فأنغولا والبوسنة هي أمثلة حقيقية لنتائج هذه العادة. السؤال هو: ماذا نتعلم من هذا التاريخ؟

نشرت بالإنجليزية بتاريخ 14 تشرين الأول 2011

No comments: