Wednesday, September 02, 2015

قالوا هذا عارض ممطرنا:



قال صديقي:
"كل هذه المصايب التي ترونها على السوريين اليوم رأيتها في سوريا قبل الثورة بعشرات السنوات. فلا صورة لطفل حاف أولأمرأة مكسورة الخاطر أو لأب قد انهكه عمل لا يكفي لسد رمق أولاده إلا رأيتها بأم عيني كما نرى الصور اليوم. الفرق الوحيد لم يكن أحد ينظر حوله، فالناس في صمت وقد عقدت لسانهم المصيبة بعد أن ضرب عليهم الله الذل والهوان منذ 1980.
قال: "كان المغتربون ينزلون للبلودان والشاطئ الأزرق وكنت اذهب أضيع في في مخيم اليرموك ونهر عيشة والحجر الأسود. أخذت تكسي ذات مرة كان السائق على غير عادة السائقين الآخرين لا يشتكي الفقر وغلاء الأسعار إلى آخر الأسطوانة التي اعتدنا سماعها من سائقي التكسي، فسألته كيف الحال؟ فقال الحمد لله ابني يدخل الجامعة في إيلول وعمرت له غرفة صغيرة على السطح حتى يتفرغ للدراسة فهو يعمل الآن في مشروع كذا (معماري) يجمع بعض مصروفه. وكان يقول هذا وكمن حاز الدنيا أو اشترى لابنه قصرا. كنت في ذلك اليوم في عجلة من أمري. قلت له أين تسكن ؟ قال في المكان الفلاني. في نهاية الرحلة سألته هل انت فاضي غدا على الساعة كذا؟ قال نعم قلت له: تعال خذني من البيت .
في الموعد أتى وذهبنا إلى المكان أول لبعض الوقت فقضيت شأنا هناك، وذهبنا إلى مكان ثاني في نفس الحي الذي يسكنه. قال لي: ما الذي ستفعله هناك، قلت له واعدني صديق. عندما وصلنا إلى الحي ولم يحضر الصديق، دار الحديث بحيث اضطررته أن يدعوني على استحياء لمنزله. أعتذرت ولكن قلت له أحب أن أزور غرفة ابنك التي عمرتها بيدك أنت وإياه. فشعرت بأنه يشعر بالحرج ولكنني لم ألق للأمر بالا.
خلال دقائق كان يفتح لي الباب بتردد لألج إلى "أرض ديار" يحيط بها حائطا ترابيا وفي زاويتها شجرة ليمون نسيت أن تشرب منذ زمن طويل ، وفي الزاوية الأخرى تقبع غرفة من التبن لو اردنا الدخول لوجب علينا طأطأة الرأس . قال نحن نعيش هنا، أما الطرف الآخر من الدار فهناك أبو أحمد وفي الصدر تسكن جارتنا أم جوزيف. لم ارى أثر لأم جزيف ولا لأبي أحمد. وهنا فُتح باب غرفته ببطئ وطلت حسناء ساحرة العينين وكأن شعرها شعر حورية بحر مازال مبتلا يتراقص على كتفيها، وما إن وقعت عيناها عليه حتى أشرقتا بسعادة لا توصف، وأتت تسعى كأنها تهوي أكثر من أن تركض كما يهوي من لم يتجاوز السنتين إلا قليلا. تلقفها أبوها ورفعها عاليا إلى صدره وهي تمطره بالقبلات. قال هذه بِنان وعندي أحمد 18 سنه. ورفع رأسه ولحقت عينايا عيناه لتقع على غرفة على سطح غرفته تشغل نصف مساحة السطح لم ينتهي بناءها. قال كمن يعتذر الله كريم شوي شوي ننهيها ان شاء الله قبل المدارس."
سكت صديقي كمن يحاول أن يعيد حفر ذكريات تلك الزيارة في حنايا قلبه حتى لاينساها، وكأن هذه الذاكرة مصدر سعادته وهناءه. سألته لماذا هذا الفرق في سن أولاده؟ ولكن قبل أن يجيبني رن الهاتف. وكان أحد الأخوة على الطرف الآخر
*أهلا وسهلا يافلان عندي أبو فلان.
**عازمينكم على حفلة التبرعات الخيرية.
* طيب.
** هذه المرة ستكون الحفلة على مطعم عائم في خليج المكسيك.
* ليش الغلبة هيك؟ بالجامع منيح.
** لا، لا، هيك أحلى خلي الشباب ينبسطوا ، العشا بخمسميت دولار على الراس. مد أيدك على عبك خلي الله يحبك.


No comments: