كلما انتقل أحد من الناس إلى صف الثورة كلما زادت فرحتنا بهم وزادت فعالية الثورة. فالفرق بين الثورة -النضال السلمي الذي يجري في سورية – والحرب يجب أن يكون واضحا؛ فالغرض من الحرب هو إبادة العدو وقهره، في حين يكون الغرض الأول والنهائي من الثورة السليمة هو أن ينتقل الناس في موقفها مع الطاغية إلى موقف في صف الثورة. ففي حرب هناك فئتان فقط، العدو والصديق، والعدو إما خاضع مستكين أو ميت. أما في الحراك السلمي فهناك ثلاث فئات: الفئة الأولى هم فئة الموالين والنظام. والفئة الثانية فهم اصحاب "الأعراف" فهم العامة التي تقف قلوبها مع الثورة ولكنها لا تقدم شيئ من الفعل من أجل نجاحها، أما الفئة الثالثة هم فئة الثوار والرافضين صراحة للنظام.
فإذا عرفنا الفرق بين الحرب والنضال السلمي أدركنا أنه علينا أن ندرك معايير النجاح والفشل الحقيقية، فقد يُخيل للبعض أن هناك غياب للهدف الواضح الذي يحسم الحرب ويقرر الخسارة والربح. ففي مثال الحرب قد يكون هذا الهدف تلة أو مرتفع، جسرا أو مدينة تسقط في يد الجنود. وهذه سهلة المنال والإدراك، فالجيش إما وصل لها أو فاتته؛ وبذلك يسهل تحديد النصر والخسارة.
أما في الثورة فلايوجد هدف بهذا الوضوح على الطريق يجعلنا نشعر أننا منتصرين. إننا في الثورة كل ما علينا هو مراقبة حركة الناس بين الفئات الثلاثة. فطالما أننا نجد حركة الناس الغالبة تنتقل من الفئة الأولى إلى الفئة الثانية، أو من الفئة الثانية إلى الفئة الثالثة طالما أن الثورة بخير.
الثورة السورية في شهرها الخامس لا تظهر إلا انتصارات بعد انتصارات. فالحركة في الناس تتم باتجاه واحد، فمن كان مترددا يقف متفرجا من أهل الأعراف، انتقل إلى الثورة، ومن كان مُشككا في جدوى الثورة نجده انتقل إلى صفوف المتمنيين للثورة أن تسرع بنجاحها ليعود إلى عمله. والذي كان يقف مع النظام بدأ يشك بقدرة النظام على الاستمرار. فطالما أن غالبية الحركة تتم بهذا الاتجاه فالثورة بخير ولله الحمد.
لذلك لابد من الإستمرار برفض الحوار الذي طرحه النظام علينا، فما يريد أن يحققه النظام هو أن يتوقف هذا النزيف (الحركة بين الفئات الثلاث) فهو لا يستطيع أن يعكس اتجاه الحركة ما لم يوقفها قبل كل شيء أو ينشئ شكا لدى الناس في جدواها. والشارع استلم المبادرة منذ 15 آذار والنظام فقدها، وهذه الدعوات ليست إلا محاولة فاشلة لكي يبدو النظام وفي يده مبادرة ما.
No comments:
Post a Comment