أسئلة أتتني خلال محاضرتي 25 حزيران: سأقوم بالإجابة عليها تباعا هنا حسب ما يسمح الوقت:
سؤال: قيل على لسان الأسد: "أن زيادة الرواتب وخفض سعر المحروقات أضر بالاقتصاد السوري" على الرغم إن هذا دخل ضمن الأصلاحات أي تعليق؟
جواب: أنا لا أعرف فيما أذا كان هذاالقول للأسد أم لا. حقيقة أتبع النظام السوري سياسة شراء رضى الناس وسكوتهم عن طريق زيادة الرواتب والمساعدات المختلفة التي قدمها النظام هذا العام للسوريين (يدعونها السورييون بـ"بركات بوعزيزي" نسبة لمن اشعل الثورة التونسية) تقدر بـ 20 %– 25% ومثل هذه السياسات ليست شر بالمطلق وليست بالهير بالمطلق، فهذا الأمر يعتمد على الظروف العامة للاقاصاد الوطني الذي طبقت خلاله.
فالدافع الأصلي لهذه الزيادات ليس اقتصاديا ولم يكن معاشيا، إنما اتبعه النظام ظنا منه أنه يستطيع أن يشتري صمت العالم وينحني أمام العاصفة التي أشعلتها الثورة التونسية. فهذه حقيقة ما هي إلا محاولة لـ"رشوة" الناس علهم يتناسوا عن متطلبات الاصلاح السياسي ومستحقاته. والحمد لله انقلب السحر على الساحر.
أما على الصعيد الاقتصادي: فزيادة الدخول والمساعدات ولاسيما في دولة مثل سورية حيث القطاع العام يمثل نسبة كبيرة من حجم العمالة له تبعاته.
فأولا على مستويات العرض: هذه الزيادات فرضت على القطاع الخاص زيادات في المعاشات موازية لهذه الزيادات، هذا أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي خفف الطلب على العمالة من جهة وزادت الأسعار. فإذا علمنا أن الحكومة السورية تتبع سياسة زبادة عرض النقود منذ أواخر العام الماضي علمنا أن ارتفاع الأسعار آتٍ وسيأتي مضاعفا نتيجة هذه السياسة.
ثانيا: من ناحية الطلب: إن زيادات الدخول تلعب بشكل جيد على زيادة الطلب العام في كل اقتصاد، وهو أمر له ايجابياته في حالات العمل تحت القدرة الإنتاجية، وتوفر قدرة زيادة الإنتاج دون الحاجة لزيادة رأس المال. فرأس المال يصعب زيادته في المدى القصير للتمكن من مواجهة الطلب الجديد على السلع، وفي مثل هذه الحالة نجد أن هذه الزيادات في الدخول لم تتمكن من تشجيع الأنتاجية بالسرعة المطلوبة، فحقيقة الناس زادت الدخول في أيديهم ولكن لم يستطيعوا أن يروا أن القدرة الشرائية لهذا الدخل يزداد حقيقة بسبب ارتفاع الأسعار.
النقطة الثالثة أن كيف ستمول الدولة هذه الزيادات؟ فسوق الاقتراض الداخلي (السندات الحكومية وغيرها) غير متطورة بمافيه كفاية لمواجهة مثل هذه القرارات الإرتجالية. وسوق الاقتراض العالمي محدودة أمام سورية نظرا لطبيعة النظام السوري، فبالتالي لم يبق أمام النظام سوى أن "يطبع النقود" لتمويل هذه الزيادات، وهذا ما يهدد بتضخم أسعار أيضا على المدى المتوسط سيسحب كل أثر قد بقي لهذه الزياداة على القوة الشرائية.
فالنظام بارتجالاته أراد ان يحل قضية فورية وهي غياب الثقة والشرعية من نظامه، فخلق أزمة أكبر للبلاد بأكملها، فارتفاع الأسعار، وهبوط الطلب على يد العاملة، واستنزاف الاحتياطي كلها تعد العدة لحالة انكماش في الاقتصاد السوري خطيرة تسحب معها الليرة السورية للحضيض.
1 comment:
صحيح هالكلام أستاذ محي الدين.....لذلك السؤال الأهم برأيي هو من أين ستقوم الدولة بتمويل هذه الزيادة من الرواتب إذا كانت عجلة الأنتاج قد انخفضت إلى أكثر من النصف منذ بدء الاحداث..حتى أظن أن قدرة الدولة على الأقتراض الداخلي من خلال اصدار سندات الخزينة هي ليست كافية لأن النظام بدأ يفقد ثقة الناس شيئاً فشيئاً ...لذلك كما قلت حضرتك السبب الأول والأساسي والوحيد لهذه الزيادة هي شراء رضا الناس لاأكثر
Post a Comment