Thursday, August 13, 2015

أنتاج قديم : مؤتمر متخصصي علوم الاجتماع المسلمون

http://www.alrashad.org/issues/18/18-Conf.htm

مؤتمر متخصصي علوم الاجتماع المسلمون

محي الدين قصار*
بالتعاون مع مركز دراسات العالم وبرنامج الدراسات الإسلامية في جامعة جورج ميسون، عقدت جمعية علماء الإجتماع المسلمين مؤتمرها السنوي الثالث والثلاثون في أرلينغتون فيرجينا.  وقد كان العنوان الرئيس لهذا اللقاء: "مراجعة الحداثة:  تحديات وامكانيات الأسلام"  وقد استمرت أعمال المؤتمر من صباح الجمعة 24 أيلول إلى مساء الأحد 26 أيلول 2004.  وقد تتابعت لقاءات المؤتمر تغطي المواضيع التالية: 
·         تنوير المعرفة
·         حقوق الإنسان والحريات المدنية
·         "التصحيح" والإسلام التقدمي" 
·         الحركة النسائية الإسلامية
·         معاش الإسلام في الغرب
·         تفسير ات وقراءات قرآنية
·         ديمقراطية العلمانية والعلمانية والمجتمع
·         الحوار، واقامة السلام، والعدالة
·         الهوية الإسلامية من خلال رؤية عالمية
كما أدير نقاش في طاولة مستديرة بعنوان: "الحرب على العراق: عواقب واسعة الأفق."  وقد كان المتحدث الرئيس للعشاء السنوي الدكتور طارق رمضان الذي قدم كلمة حول حال العالم اليوم والحوار الغربي الإسلامي تطرق فيها للمشاكل الطارئة على هذا الحوار والعقبات التي تقف في وجه تحوله إلى حوار ناضج وبناء.  وتميزت محاضرته بأنها كانت خطاباً عاماً وليست طرحاً فكرياً.  وقد أتت مشاركة الدكتور رمضان عبر الهاتف بعد أن سحبت منه السلطات الأمريكية تأشيرة الدخول إلى البلاد التي كان قد حصل عليها كصاحب كرسي (أستاذ الدين، والصراع، وإقامة السلام) في جامعة نوتردام المرموقة.
طرح الدكتور ديلنواز صديقي ورقة عادت إلى مفهوم التوحيد عند المسلمين في معالجة إمكانية معرفة الحقيقة المطلقة أو غياب هذه الإمكانية، وكيف أن التوحيد يمارس دورا في تحديد الحقيقة والمعرفة والحكمة.  وأكد أنه خلافاً لما قد يظن البعض فالتقدم العلمي خلال السنوات الخمسين الماضيات أعاد إلى الصدارة مفاهيم الروح بعد أن غيّبها صراع الكنيسة مع العلم.  وبالتالي فإن من الضروري توفر مفهوم روحي مثل التوحيد والتمسك به كمرجعية حاكمة لصلاحية العلوم وصوابها.  وقد قدم الدكتور لؤي صافي ورقة تدور في نفس المحور حيث ذكر بأن مرحلة التنوير قامت بتهميش الضمير الإنساني والأخلاقيات، وفشلت بنفس الوقت عن تقديم بدائل أخلاقية ناجحة، وقد رأى الدكتور لؤي بأن هناك دفعاً بالإتجاه المعاكس خلال العقود الأخيرة. كما تأتي في نفس الإطار ورقة الدكتور مازن هاشم تحت عنوان: "رأس المال الإجتماعي، والمجتمع المدني، ومسألة القيم." وتعالج ورقته مسألة تغييب القيم في الدراسات الإجتماعية بحجة أن تدخلاتها في البحث الإجتماعي يُعيد بالعلم إلى حظيرة الكنيسة والدين. ولكن يلاحظ بأن التجربة الإجتماعية الفعلية التي تعيشها المجتمعات البشرية مازالت زاخرة بالمفاهيم القيمية وتعطي دوراً رئيسا لها. ولذلك عمدت العلوم الاجتماعية إلى استدعاء مفهومي "رأس المال الإجتماعي" و"المجتمع المدني" ليواجها دور القيم المُغَيب من البحث الإجتماعي. وقد ارتأت الورقة أن استحضار قيم عليا في العلوم الإجتماعية أمر ممكن إذا تحلّت بخصائص ثلاث: لا تتمحور حول النفعية، وتستدعي شرعية عالمية عبر-تاريخية، وتتجلى على المستوى الشخصي والجماعي بالوقت نفسه. 
وسعى محمد سيد الإسلام في بحثه "المعرفة والسلطة: السياسة العالمية للحكم والتنمية" لتعرية المجاملات الهادفة إلى تقديم المسلمين كمرضى في حاجة لعلاج.  فقد أكد أن هناك علماً جديداً مبتدعاً ضمن خطاب التنمية والتذويب، يسعى لفرض النظرة التي تقول أن المشكلة كامنة في الإسلام والمسلمين، وليست في الرؤية الغربية للعالم التي تتمحور حول الظاهرة الغربية وتخدمها.  يؤكد في بحثه أن المسلمين يخضعون في مراحل العولمة لمراقبة حادة وضغوط عالية تخدم مصالح الشركات الكبرى وتهدف لاخضاعهم لسطوة الرأسمال. 
أما كريم كريم من جامعة كارلتون فقد قدم ورقة حول: "أثر المفكرين الإسلاميين في الجالية الإسلامية في كندا".  وتساءل في هذه الورقة حول مرجعية تعاليم الإسلام ومن له الحق في تفسيرها.  كما ناقش النظرة للاجتهاد وقضايا معاصرة كالفتوى عبر الانترنيت وما يمكن للمعرفة الغربية أن تقدم للمسلم وتساعده للتأقلم مع الحياة الحديثة. 
أما لويس كانتوري من جامعة ميريلاند فقد قدم بحثاً بعنوان: " مراجعة الديمقراطية: الديمقراطية الجمهورية والإسلام".  في هذا البحث انتقد وجهة النظر التي تزعم مشكلة الشرق الأوسط هي غياب الديقراطية، بل إنها وجود الاستبداد.  وأكد أن نقطة الخلاف نابعة من الوهم القائل بأن الديمقراطية الليبرالية هي قيمة عالمية، فهي نتاج التنوير الغربي ولا تجد قيمة لها خارج الاطار الفكري والعقائدي للتنوير.  ففي كل مكان في العالم -ولاسيما حيث سادت القيم الدينية- فإن رفاه المجتمع مقدم دوماً على رفاه الفرد.  وفي هذا البحث يقدم البروفسور كانتوري صورة من صور الديمقراطية، وهي "الديمقراطية الجمهورية" (ليس لها علاقة لازمة مع الحزب الجمهوري) وهي التي تتمحور حول ضبط الدولة من خلال الجمهور رغم الاستفادة من الدولة كجهاز. وأهم ما تتميز به الديمقراطية الجمهورية هي احترامها للأخلاق والمصلحة العامة.  وتفتح المجال للحرية ولكن دون أن تبيح استقلالية الفرد عن المجموع.  فعلى الفرد ممارسة قيم المواطنة ضمن الدولة وبذلك العمل للصالح العام، فهي علاقة من الأعلى إلى الأسفل ضمن المجتمع المدني.  فالتركيز على القيم والتقاليد والأخلاق يشابه بشكل كبير الإسلام وبالتالي فإن الجمهورية الديمقراطية  ستتمكن من التعايش مع الإسلام بصورة ديمقراطية إسلامية، و تقف هذه الصورة كبديل للديمقراطية الليبرالية.
أما ديفد كرنتون من المعهد اللاهوتي الإنجليكي في القاهرة:  يفرق بين العلمانية والعلمنة، وبين أشكال التدين المختلفة في مجتمع علماني. وينبّه أن الإسلاميون مارسوا نقدهم لهذا المفهوم على أنه مفهوم غربي، ولكنهم يغفلون أن المفهوم الأمريكي للعلمانية يحتوى على البُعد الجمهوري الديمقراطي والذي يتّسم بالمحافظة.  وقد قدم بحثه من خلال دراسة نقدية لأفكار بعض المفكرين الإسلاميين مثل: محمد عمارة وعبد الوهاب المسيري ويوسف القرضاوي. 
أما عماد الدين أحمد من معهد المنارة للحرية فقد قدم ورقة بعنوان :  "ليبراليون دون رباط ومسلون دون مطوّع: فصل الليبرالية عن التغريب". ويرى عماد الدين بأن هناك عجزاً عن فصل الرغبات والميول الثقافية عن قضايا حقوق الإنسان الحقيقية في كثير من الفكر الغربي والمعارض له في العالم الإسلامي.  
وأخيراً، فلقد كان هناك عدد من الأوراق التي حاولت أن تُنظّر لمداخل ليبرالية لفهم القرآن وتفسيره.
ويمكننا أن نلحظ في البحوث المقدمة للمؤتمر تيارين يعكسان القضايا الشاغلة للباحث المسلم أو المهتم بالقضية الإسلامية في أمريكا.  التيار الذي يبحث عن المنطق الديني والإسلامي في خضم المساجلة الفكرية العالمية،  مع نوع من غض النظر عن الأوضاع السياسية-الفكرية المسيطرة في شمال أمريكا.  أما التيار الثاني فهو يتمثل بشريحة عريضة بتنوعها تجد أن الهجمة الإيديولوجية الحادة التي يتعرض لها الإسلام في أمريكا تفسح الفرصة المناسبة لإبراز تقدمية الإسلام وإمكان تقديم مراجعة للإسلام ومفاهيمه بشكل "يتوافق مع العصر" فيما يطلق عليه "الإسلام المسالم" أو "الإسلام المعتدل". 



* باحث في علم الاقتصاد

No comments: