Wednesday, September 14, 2011

وجه الأسد: الدموي والسيئ والقبيح:


(هذا المقال نشر بالأنجليزية يوم السبت ولاقى قبولا حسنا، وقد استجابت وزارة الخارجية الأمريكية لهذه المأساة وأصدرت يوم الأحد بيانا يدين هذه الجريمة بحق غياث مطر واعتقال يحيى شربجي.)  
مع الشكر الجزيل للمترجمة العزيزة


لقد خسرت البشرية اليوم. فقد ألقي القبض على غياث مطر قبل ثلاثة ايام في داريا. وسلم جثمان غياث الى اسرته اليوم.  ولكنه بدون حنجرة. ليس فرض عليك ان تتعرف يحيى وغياث.   ولكن معرفتهما أو حتى السماع عنهما سيجعلك إنسانا أفضل.  ففي مجتمع يسيطر عليه العنف من النظام وقمعه، أن تكون من دعاة السلام (اللاعنف) ليس شيئا يمكن أن يأت بسهولة.  فما أن تتعرف عليهم وتعرف من أين جاءوا ، ينهض في ذهنك سؤال واحد، "كيف يمكن أن تكون من دعاة اللاعنف في مثل هذه البيئة العنيفة."  يحيى ولد في 21 يناير 1979. حصل على نصيبه من السجن السياسي. وكان همه الأول الحفاظ على الثورة السلمية. لقد كان غياث ويحيى يرددان: "لإن أكون قتيلا وأفضل من أكون قاتلا" ، وقد كانت حنجرة غياث وحباله الصوتية سلاحه الوحيد.  فهل كان هذا السب الذي جعل قوات الأسد تفصل حنجرته وتعيدها لوحدها.  وعندما تساءل أحد أفراد العائلة حول هذا الموضوع قال الضابط للأسرة المفجوعة في لهجة ساخرة ، "اعملو منها شاورما".
قد تعتقدون أن هذا الأمر من قصص الخيال أو لا يصدق! ثمة مثلا عربيا يقول "إن لم تستح فافعل ماشئت"  عندما نتحدث عن الأكاذيب التي يروجها النظام السوري ، يتصور أصدقائنا الأمريكيين أن النظام السوري يقوم بتشويه للواقع بنفس الطريقة التي تفعل بعض السياسيين هنا . يفكرون بوسائل الاعلام الذي يمزج بين القصة مع بعض الأكاذيب لجعلها أكثر إثارة أو قول نصف الحقيقة ، الخ...
ولكن للأسف ليس هذا هو حال النظام السوري ووسائل اعلامه. قناة الدنيا الفضائية هي واحدة من وسائل الاعلام في النظام. في الأسبوع الماضي ، بثت الدنيا تقريرا لم استطع تصديقة لو أنني لم أره بعيني. تتتهم الدنيا في تقريرها قناة الجزيرة بتزييف كل حوادث الثورة السورية.   وتأتي بخبر مفاده أن الجزيرة قامت ببناء استوديوهات ضخمة مع مساعدة من منتجي الأفلام الأميركية والأوروبية. وفيها يتم تقليد الساحات والشوارع في المدن السورية مثل دمشق ، درعا ، حماة ، حمص ، الخ... فتقوم قناة الجزيرة ، بحسب وسائل الاعلام للنظام السوري ، وتستخدم هذه الاستوديوهات لتصوير المظاهرات والمسيرات الوهمية ضد النظام السوري. وبالتالي ، وطبقا لرواية الدنيا كل ما شهدناه منذ 15 مارس ليست إلا مؤامرة من الجزيرة.
في هذا الاسبوع انتشر شريط فيديو تم تصويره من قبل مجهول في سورية ، وزعت على نطاق واسع على اانترنت واليوتوب، ونشرته القنوات الإخبارية الرئيسية ، يظهر الشريط مجموعة من الجنود السوريين يحيطون بجريح من المدنيين على الأرض ويقومون بإفراغ مسدساتهم في جسده الذي يرتعش. لم تخرج علينا بعد وسائل إعلام النظام بروايتها حول هذا  حتى الآن.  قبل عدة أشهر ، ظهر شريط فيديو يصور جنود سوريين يدوس على ظهور  عدد من المدنيين وأيديهم مقيدة وراء ظهورهم ويركلونهم.  تم بث الشريط على التلفزيون الألماني.  فقامت عندها السفارة السورية بتنظيم حملة ضد التلفزيون واجبرها على الاعتذار.  وكانت رواية النظام أن الشريط مصور منذ فترة طويلة في العراق والجنود كانوا ميليشيات كردية. اعتذر التلفزيون وقتها إلى السفارة. وبعد بعض الوقت خرج مرة أخرى شريط مع واحد من المدنيين الذين كانوا يتعرضوا للتعذيب في الشريط الأول. شريط فيديو يظهر الشاب معلنا انه هو السورية ويبين هويته. ويؤكد ما ورد في أول شريط فيديو.  ويثبت ان النظام يكذب في كل الوقت. 
وقائمة الأمثلة من الحرب على الحقيقة في وسائل اعلام النظام السوري لا تتوقف أبدا. فوسائل اعلام للنظام كما هي ممارسات جيشه لا تحترم أي حدود وليس لها اي علاقة مع الأخلاق أو مصداقية. وعندما أسمع أو أقرأ هنا عن بعض المثقفين ذوي العلاقة بالنظام يحاولوا إمساك العصا من المنتصف تحت ذريعة التوازن، اشعر بالغثيان. لا يمكن للمرء أن ينظر بأي طريقة مفهومة جرائم الاسد باعتبارها قضية سياسية. أولئك الذين يحاولون تأطير جرائم النظام السوري كقضية سياسية فهم شركاء في جرائم الأسد،  مثلهم مثل أي شخص في قوات الامن التابعة له. فهم كمن يعتقد أن جرائم جيفري داهمر يخضع للنقاش السياسي (داهمر: مجرم قتل 17 مراهقا وأكلهم في ميلووكي ، ويسكونسن ، في أوائل التسعسنات).
إن اغتيال غياث لم يبدأ قبل ثلاثة ايام. لم يقتل على يد واحدة. فدمه على يد جميع المشاركين بصمتهم. أعتقد عندما قال مارتن لوثر كنغ الابن: "في النهاية ، سوف نتذكر ليس كلمات أعدائنا ، ولكن صمت أصدقائنا." لم يكن يتصور أنه سيقف في يوم من الأيام يمسك باب الجنة ليفتحه لغياث مطر وأصدقائه.

No comments: