يعتبر "ارتفاع
الأسعار" أو “انخفاض القوة الشرائية للعملات الوطنية" ظاهرة عالمية خلال
السنوات الماضية. ولكل بلد أسبابها الخاصة
التابعة لتشكيلاتها السياسية والاقتصادية. ما يهمنا هنا هو القوة الشرائية للعملة
السورية في يد المواطن السوري بعد التحرير. وهناك تفكيرا حثيثا في القيادة السورية
الجديدة في إيجاد حلول ناجعة لمعالجة هذه المشكلة التي تسيء بشكل كبير للحالة
الاقتصادية والصحية لأبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة. كما أنها تراكم الكثير من
المشاكل على الحركة الإنتاجية في الوطن. والاقتصادي يستطيع أن يطرح الكثير من الحلول
في هذا المجال، ولكن أكثر الحلول اضرارا هو الحل الذي يربط تحسن القوة الشرائية بعامل
واحد. فهناك لائحة طويلة من الخطوات التي
ستمهد لوضع خطط أو سياسات سيطرة على القوة الشرائية بشكل فعال. واستعرض هنا بعض
الخطوات ببعض الانتقائية كما اراها اليوم وهذه الخطوات تعمل معا بشكل متواز وليست
تراتبية .
أولى هذه
الخطوات هو تفعيل دور المصرف المركزي السوري. فالدور الحقيقي للمصارف المركزية هو إدارة صحيحة
لعرض السيولة النقدية للبلاد. وهذا الأمر لم يعرفه المصرف المركزي السوري لأنه كان
محكوما بالقرار الأمني وأولويات امنية لا علاقة لها بالمال والاقتصاد. والحال
الصحي أن يكون هناك استقلالية صحيحة في إدارة المركزي عن النظام الحاكم. لذلك أنا
أقترح أن تستعين السوريا بعدد من المختصين الذين هم بعيدون عن السياسة حاليا. وأقترح
اسم الدكتور غياث شابسيغ الذي أمضى فترة جيدة في جبهة النقد الدولية ليكون حاكم
المصرف المركزي السوري أو أن يُعين مستشارا للمساعدة في حل مشاكل النقد
السوري. (ملاحظة الدكتور غياث من أصدقاء الجامعة وأنا أثق بقدرته رغم أني لم اره
منذ أكثر من 24 سنة) وهذا لا يقل من قدره كما أنني لم أسأله رأيه باقتراحي هذا
فأرجو منه أن يسامحني إن لم يكن راض باقتراحي. بكل أحوال، سأقوم بتحديث هذه
الاقتراحات عندما اسمع التوجه الذي تتخذه القيادة مع قيادة المصرف المركزي في
دمشق.
ثاني هذه
الخطوات هو العمل على سياسات لضغط الإنفاق من العملة الصعبة. ومن أجل هذا
نحتاج إلى محورين الأول هو تقليص الحاجة للطاقة ومنها البترول، فقد يكون مفيدا أن نتواصل عن طريق سفاراتنا مع
الدول التي نجحت في التحويل للطاقة البديلة مثلا السكندانافيات أو الطلب من الأخوة
في المغرب أن ينصحونا برأيهم أو بخبرتهم في انتاج الطاقة البديلة.
لاحظوا معي
أنني لا أؤمن بالمشاريع الكبرى، بل اعتقد ان نجاح
المشاريع الصغيرة هو الطريق المناسب لاقتصادنا. هذه المقاربة ستوفر العملة الصعبة التي نستعملها
في شراء الطاقة. وإن كانت هذه الطاقة
محلية الآن، ولكن التحول للطاقة المستديمة ستجعل الطلب على عملتنا الصعبة يتقلص
وتوفر مزيدا من هذه العملات لمتطلبات بقية القطاعات الاقتصادية. (ملاحظة: قد تتمكن الحكومة من الاستفادة من مساعدة الأمم
المتحدة في تمويل مشاريع الطاقة المستديمة هذه تحتاج تفاصيل) والآن
يمكننا أن نعالج الطلب على الطاقة من حيث تحويل الطلب على الطاقة البترولية الاستهلاكية
إلى الطاقة الشمسية في المنازل والبيوت. (من
الممكن لكل منزل أن يكون عنده تحولاته الخاصة به من الطاقة الشمسية، هذه التفاصيل
تناقش على الأرض في وقتها) هذا التحويل سيتطلب تغييرات حقيقية في الإنشاءات
الداخلية حيث سيبدأ الطلب عليها في زيادة على الطلب العمالة الداخلية وتتقلص
العطالة عن العمل وتزيد الدخول الداخلية. وهكذا بمقاربة بسيطة إن نفذناها بنجاح ستحل
مشكلة الطاقة في البلاد وبنفس الوقت ستحل مشكلة الطلب على العملة الصعبة قد لا
يكون هذا الحل كلي، ولكن سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح. طبعا عندما يخف الاعتماد على النفط كمصدر
للطاقة سيزداد الفائض منه للتصدير كما سيخف تكاليف الإنتاج المحلي وبالتالي سيزداد
تنافسية البضاعة السورية داخليا وخارجيا.
وهكذا تتحرك الليرة السورية باتجاه التعافي.
هذه بعض
الأفكار السريعة لمعالجة الغلاء الفاحش والسيطرة على الأسعار في الداخل. هذه السياسات ستلعب بالتعاون مع الدول
المجاورة تركيا الأردن والسعودية وقطر مثلا ورا كبيرا في تقوية التعاون الشعبي بين
الأشقاء. وهذا حديث ليوم آخر.
ارحب بالنقاشات والأضافات