Saturday, January 26, 2019

حديث من القلب عن "المرأة"

-1-
مخافة الظلم من الصعب عليّ الحديث عن المرأة بشكل عام وعن المرأة المسلمة بشكل خاص،  وكم أتمنى أن تكون امرأة من تكتب هذا الكلام، ولكنني أجد أنه من الضروري أن المس هذا الموضوع هذه الأيام فلعل مبلغ أوعى من سامع.  فالمرأة هي الركن الأساس الذي رفع صرح الحضارة الإسلامية عبر القرون.  فأينما تنظر تجد روعة الإنجاز الأنثوي في حضارتنا.  وأينما ألتفتُ أرى والدتي وجارتها لوريس وجدتي وحماتها وخالاتي وعماتي وبناتهن وجارات حينا وبناتهن؛ كل هؤلاء أراهن صورة في تلك السورية التي التف الـ"بانطو"  بحزم حول جسدها الغض في حر صيف الشرق أوسطي، وهي تقطع المسافات بين الخيم في مخيم اللجوء.  فأرى بعينيّ قلبي ما يصنع اجتماع الحر وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ بها، فتراها غرقى بعرقها المحموم في الصيف أو تجر أوحال المخيم وثلجه ومطره في الشتاء. نعم إنهن نساؤنا . فتراهن قد حولن خيمة صغيرة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء إلى قطعة سلام يلجأ اليها أولادهن ليعيشوا لحظات دافئة قليلة‘ علها تمنعه من نسيان الحياة السوية وتؤكد له أنه سليل حضارة عتيقة لا علاقة لها بهذا الظرف الطارئ على الحياة.

إن المعجزة لم تنطلق من مخيم الثورة فحسب،  بل هؤلاء النسوة مارسن السمو منذ اليوم الأول في حياتهن، وورثنه كابر عن كابر ؛  فتحت كل ظروف القهر والحرمان التي تتعرض له مجتمعاتنا منذ مايزيد عن تسعة قرون تقف المرأة كصانعة المعجزات الصامت.  فلا يمكننا الكلام عن إي انجاز في امتنا ما لم يكن هناك نسوة طاهراة عفيفات صابرات قادرات حازمات يقف مع رجالهن، يبدأن بشق نطاقهن* لحزم غذاء رجالهن، ويوبخن** رجالهن إذ ظنن بهم خورا.  فحالنا كقول الشاعر
{كم أمة بنسائها فوق الذرى وكم أمة بنسائها ركعت ذليلة}  فإن كنا قد رأينا يوما أمتنا فوق الذرى فالفضل الأول في ذلك للماجدات من نسائنا، فلولا عزتهن وصمودهن وشموخهن لما رأينا أمتنا  بين غاية تُشرّف وراية تُرفرفُ.  وكما خرجت عزيزاتنا بشموخهن من تحت انقاض الجريمة التي ارتكبها عملاء الغرب بسلاح الطغيان الغربيي،  ستخرج أمتنا من إلى قمة جديدة من المجد ترفع بها البشرية إلى آفاق جديدة.  
(للحديث بقية)
-----------------------------------
* نسبة لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم  التي شقت نطاقها لتحزم طعام المهاجرين محمد صلى الله عليه وسلم وأبيها.   
**نسبة لقصة الشاعر أبو محجن الثقفي وقد كان حبيساً لدى سعد بن أبي وقاص بسبب شربه للخمر، ولكنه عز عليه أن يرى قومه خارجين للقاء الأعداء دونه، وهو حبيس زنزانته، وهو من هو : الفارس الذي لايشق له غبار؛ فاستأذن زوجة سعد في التفلت من القيد وإستعارة فرس سعد لجولة في المعركة يعود بعدها لزنزانته باراً بوعده لها،  ولما حدث ذلك , وإنطلق يكر ويضرب أعناق العدو، وعندما حل المساء وكان لابد له من أن يبر بوعده فقفل راجعاً فرأته إمرأة ظنته فاراً من المعركة، فانشدت :

                      من فارس كره الطعان يعيرني   رمحاً إذا نزلوا بمرج الصُّفَّر
فرد عليها :
                      إن الكرام على الجياد مبيتهم  فدعي الرماح لأهلها وتعطري

No comments: