في الاوتيل هذا الصباح كان على التلفزيون برنامج عن اسماء الأخرس (لااذكر القناة) خلاصة الحديث تتكلم عن حياتها وانتقالا من لندن إلى دمشق.
والبرنامج بدون قصد يبين ظاهرة معروفة. ففي كل بلاد العالم ولاسيما التي تحمل فيها فجوة بين الريف والمدينة هذه الظاهرة معروفة. فعندما يأتي أهل الريف إلى المدينة وخلال فترة قصيرة ؛ ومدفوعين بحياة أفضل ورغبة بمستوى أعلى من الثقافة؛ تتغير عاداتهم وطرق استهلاكهم وينتقلوا من الإستهلاك التقليدي (الذي هو الاستهلاك بغرض تقليد اهل المدينة) وهذا امر طبيعي يظهر في المرحلة الأولى من الهجرة للمدينة، ومع الوقت يتحول نمط الإستهلاك والذوق إلى نمط أصلي ومكتسب ويبدأ بانتاج ثقافة ذاتية متماهية مع ثقافة المدينة.
هذا الأمر لا يعيب أحدا. فهو أمر تطور طبيعي تفرضه الفجوة بين الريف والمدينة. ولكن المستمع للبرنامج عى أسماء الأخرس يكتشف انعكاس الآلية. فأسماء الأخرس الفتاة المدنية (حمصية) والتي تربت ترعرعت في حضن أبيها (الطبيب) في وسط مدينة لندن لم تخرج فقط عن الآلية أعلاه، بل أنها عكستها، فقد "صحرتها" العيشة في القصر الجمهوري ورفقة عائلة الأسد. طبعا حتى الصحفي الذي قدم الربورتاج لم ينتبه لهذه الآلية، ولكن كل ما قدمه عن أنماط استهلاك أسماء وأولوياتها يدل على تصحر الذوق عندها عوضا عن أن تلعب دورا في تطوير أذواق من حولها.
No comments:
Post a Comment