في النصف الأول من القرن العشرين صحت أمريكا على حقيقة تقول
بضعف معرفتها وقلة تأثيرها في دول العالم ولاسيما خارج اطار أوربا واليابان. لمواجهة هذه الحالة أقامت عدة برامج ومؤسسات تخدم
هدف معالجة هذا النقص. أحد هذه البرامج
قائم على شكل التعاون العسكري الذي نجح بشكل كبير ؛ ويعتبر نجاحه في أمريكا اللاتينية الأكثر وضوحا
باخضاع تلك القارة ما يزيد عن نصف قرن في القرن العشرين.
البرنامج يقوم على استغلال اي احتكاك مع أفراد القوات
المسلحة للبلد المستهدفة لبناء علاقة وطيدة وشخصية وطويلة الأمد مع هؤلاء
الأفراد. من مسببات هذا الاحتكاك هو
الدورات العسكرية وما شابهها. فعندما يصل
مثلا ملازم أول من كولومبا لإجراء دورة في أحد الجامعات الأمريكية في الثلاثنيات
من القرن العشرين يُخصص له صديق أمريكي drinking
body هذا الصديق يقوم بتقديم النصائح والتسهيلات (أين
يشتري الخبز، كيف يحصل على شهادة سواقة، إلخ..) لهذا الملازم؛ وتقوم علاقة صداقة بينهما.
عندما يعود هذا الضابط إلى بلده يبق الرجل
على تواصل معه، يزوره من فترة لأخرى، وفي
كثير من الأحوال لا تكلف هذه العلاقة أكثر من بطاقة معايدة بعيد الميلاد، أو نصيحة
و ارشاد الضابط على طريقه لتأمين قبول جامعي لابنه ، ومع الوقت يصبح في مراتب الضباط الأمراء فينشأ الضابط
على عين أمريكا بأقل التكاليف الممكنة. عندما تحتاج امريكا لتغيير ما في كولومبيا
يكون هؤلاء الضباط من المرشحين الأًول ليكونوا وقود هذا الانقلاب.
هذا ليس اكتشاف جديد ولكن التذكير به ضروري في هذه
المرحلة. فالانقلاب وجنرالاته في الجيش
التركي تزكم رائحة علاقاتهم بالإدارة الأمريكية الأنوف. بل أن الدفاع الأخيرة عنهم لا يحتاج لاثبات. ولكن
المشكلة الكبيرة التي تواجهها تركية بعد الانقلاب أن تنقية الجيش قد يعرضها
للاستغناء عن كفاءات عسكرية محترمة.
فانشاء التوازن بين المحافظة على هذه القدرات التي أمضت تركية قرنا من
الزمن في انشاءها والتي ستحتاجها خلال السنوات العشرين القادمات في معادلات أوربا
الشرقية وآسيا شرق اوسطية وجهود السيطرة على النزعات الإنقلابية في القوات المسلحة
التركية هي المعضلة التي على الإدارة التركية مواجهتها.