Wednesday, October 07, 2015

روسيا وأمريكا واللعب بالنار والعالمية الثالثة:

نظرية "الاتفاقات التصادمية" (ترجمتي) "game theory"  التي تُترجم للعربي غلطا "بنظرية الألعاب."  لها تطبيقات كثيرة ولا سيما في السياسة.  وتقتضي هذه النظرية ممن يطبقها قدرة كبيرة على التكتيك والاستراتيجية. وابسط تطبيق لهذه النظرية في المثال التالي المشهور أن سائقين يسيران بسرعة كبيرة على طريق واحد ويتجهان نحو التصادم،  الذي سيربح المناورة هو الذي يستمر على خط مسيره ، والخاسر هو الذي يخاف من الصدام ويحول عن الطريق.  فالتحدي لكل سائق من اجل النجاح هو أن يكتشف ما هو قرار السائق الآخر في اللحظة الأخيرة. (طبق المثال على غواصتين أو سياستين الخ..)  

فعندما ارادت ادارة أوباما أن لا تتدخل في سورية أحرجت النظام الروسي لدرجة أنها دفعته للاستعمال الفيتو  ضد تدخلها في سوريا. خرجت الادارة الأمريكية بـ"بياض الوجه " دون أن تتدخل.  جرّبتها ثانية باستعمال التهديد وتمكنت من الحصول على السلاح الكيماوي لدى النظام دون أن تطلق طلقة واحدة.     

نفس التجربة لم تنجح في اوكرانيا وتفوق بها الروس على الأمريكان.  فروسيا استمرت باختبار الخطوط الحمر التي وضعها أوباما،  ويوم اكتشف الروس أن أوباما لا يملك الإرادة على التنفيذ وأن تهديداته هدفها "تخويف الديب لا قتالته"  بدأ يلعب الروس مع الأمريكان السياسية معكوسة.  فالروسي جرب وأسقط الطائرة التركية قبل سنوات على الحدود السورية ولم يجد ردة فعل الناتو، بالأمس تجاوز المقاتلات الروسية الحدود التركية ولم يتلق ردة فعل عالية من الناتو.  فهذه كلها نتيجة  تطبيق هذه النظرية.  فكلما تلاقى السائقان كلما كان الأمريكي الذي يخرج عن الطريق حتى الآن.  

مع أوباما حفظ الروس الدرس،  فهم ينفخون في قدراتهم ويعلنون  أنهم لا مانع عندهم للوصول إلى مواجهة عالمية مع أمريكا.  ولكن أنا أزعم أنه لا قدرة للروس على أي مواجهة عسكرية مع الجيش الامريكي.  وما يفعله الروس هذه الأيام سيقودهم إلى شفا حرب عالمية.  قد لا تكون هذه الحرب بعهد أوباما،  فأوباما لا يبدو عليه أنه مهتم.  ولكن الرئيسي القادم لأمريكا لن يكون ببرودة أوباما.  وعندما يأتي الرئيس الجديد ولا سيما إن كان محسوبا على الصقور في واشنطن،  فسيجد نفسه بحاجة لمواجهة عسكرية ليعيد الروس إلى حجمهم الحقيقي.  وقد يتوقع البعض أن الروس سيتوقفون عن التصرف بغباء مع الرئيس الجديد بغية المحافظة على ما وصلوا له من إنجازات.  ولكن يكفي أن يأتينا رئيس مُصر على اعادة الروس للحظيرة القديمة حتى يعود الروس لممارسوا هوايتهم القديمة بابداء أنهم لا يخشون حربا عالمية معتقدين أن الطرف الأمريكي لن يحرجهم بوضعية يُجْبروا فيها على التراجع.  ولكن هذه الحسابات من الممكن أن تخطئ بأي لحظة.  وعندها لن يستطيعوا التراجع ؛ فهم يعرفون أن تراجعهم سيقود إلى تراجعا آخر.  عندها لن يتراجعوا وسيكون احتكاك طائرات الروسية في الأجواء التركية أو الأوكرانية  كافي لاشعال الحرب العالمية.  

في تطبيق مثال السيارتين اعلاه،  أوماما يستمر بالتنحي عن الطريق وينتصر الروسي،  الآن في اللعبة القادمة مع رئيس امريكي جديد؛ الروسي يعتقد غالطا بأن الأمريكي سيتنحى لاعتقاده بأن الروسي يريد أن يشعلها حربا. وسيصبح حبيسا لهذا المسار لأنه يعرف إن بدأ يتنحى الآن فلن يتوقف التنحي عندها.  اذا نحن نسير نحو حرب عالمية ثالثة.     
قبل سنوات عالجت الإدارة الأمريكية(بوش) وضعية مماثلة مع الصين،  فحُلت مشكلة مواجه مع الصين؛ بأن تركت بعض الجواسيس الصينيين يسربوا لقيادة الجيش الصيني بعض المعلومات دون الدخول في التفاصيل حول  التفوق التقني للجيش الأمريكي، طبعا الجيش الصيني أكمل الصورة من عنده  وأدرك معنى مواجهة عسكرية مع الجيش الأمريكي من أجل قضية مثل تايوان.  

السلاح السري عند بوتين هو أنه يريد أن يقنع العالم أنه مجنون ولا يهمه أن يصل إلى حافة الحرب العالمية الثالثة.  ولكن مشكلته أن هذا السلاح السري ليس حقيقة سريا،  وكل ما نحتاجه أن يأتينا رئيسا لا يملك "تمسحة" أوباما لنصل إلى حربنا العالمية.  طبعا نحن لا يمكننا أن نسمى موقف أوباما بالموقف الحكيم. لأن ما يفعله حقيقة ما هو إلا توريث خليفته المشاكل التي لم يتجرأ على مواجهتها. فاليوم بوتين يطير فوق تركيا،  ما الذي سنفعله إذا قرر أن يطير فوق بولونيا.  
هذا الوضع بالضبط شبيه بالوضع بعد معاهدة ميونخ 1938  التي "سامحت" هتلر عما ابتلع من أوربا وما فعله في ألمانيا.   لم يطول العهد إلا ولحقت بولونيا وأوربا كلها بالنمسا التي سامحوه بها,  
  
  

No comments: