كلما تبحر عميقا في الأراضي السورية وتقترب من خطوط الاشتباك الحقيقية مع النظام كلما يغيب صوت التعارض بين المجاهدين ويرتفع صوت التآزر بينهم؛ حتى وكأن ماتراه على الفيس بوك يتكلم عن المريخ. تشعر براحة عميقة ويصبح كل ما حولك في تناغم، حتى وأنت تحت القصف تملك هدوء وسكينة وكأنك تطفو على ظهر وسادة هوائية على سطح بحيرة شبيهة بتلك التي اعتدنا أن نراها على علب الشكلاته التي كانت والدتي رحمها الله تشتريها فقط من أجل قريب أو صديق مريض.
في قمة هذه السكينة يحضر إلى المهجع رجل جديد. وتسيطر الأحاديث الخلافية في الفصيل الفلاني والفصيل العلاني، ويبدأ التشنج يعكر صفو الجميع. في الصباح عرض الـ"جديد" على الشباب مساعدتهم بعدة رشقات من صواريخ يملكها. لتصبح غطاء ناريا ريثما ينتقلوا إلى موقع أكثر أمنا وأكثر سيطرة على مواقع العدو. أعجبت الفكرة الشباب، ولكن الجديد طلب 800 ألف ليرة سورية والتسليم قبل القذف.
* ولك من وين بدنا نجبلك ياهم ونحن علقانين هون؟ أجابهم: لا أعرف والله هدول أمانه لا أملك غيرهم.
غاب الجديد قائلا فكروا حتى مساء الغد؟ عشرات الاتصالات طوال الليلة والنهار وتم التسليم على أن يبدأ القصف مع صلاة الصبح. توضأ الشباب وصلوا قيام ليل ثم تلاها صلاة الصبح وبدأ القصف. وعوضا عن الهروب للموقع المحدد قرروا مهاجمة الموقع المعادي تحت القصف. وطوال الطريق كان الهجوم يتم خلال النقاش هل الصلاة كانت قيام ليل أم تهجد بما أنهم لم يناموا ليلتها؟ توقف القذف ثم أشرقت الشمس بعد أن طُهّر الموقع بالكامل من جنود الطاغوت وزبانية حزب اللاة وأخليت جثثهم من الموقع.
مع طعام الفطور الذي طغى عليه جبنة Rockefeller روكفولر الحموية (شنجليش) وكاسة الشاي مصنوع بقصعة من أنفال الجيش السوري. وعادت السكينة من جديد تطغوا على الجميع وعدتُ أطفوا على سطح علبة الشكلاته التي كانت أمي تشتريها. ولم نر الرجل الجديد بعدها.
وأقم_الصلاة
No comments:
Post a Comment