تنتهي السنة الهجرية وتبدأ سنة أخرى، وقد اختار المسلمون أن يبدأ تأريخُهم بيوم الهجرة المباركة، وهذه الولادة تمت في لحظة أقرب ما تكون فيها الأمة إلى نهايتها من أي وقت قبلها وبعدها. فلابد من أن تكون الولادة قريبة من الموت. فشدة العتمة تسبق دوما انفراج الفجر الجديد. فقد لجأ الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى الغار يختبؤون به عن أعين طالبيهم، فأرسل الله عنكبوتا فنسج على مدخل الغار، فلما رآه الكفار انفضوا وقالوا ماكان لمحمد أن يدخل الغار وبيت العنكبوت مازال هنا.
والله سبحانه وتعالى قادر على أن يخسف بالكافرين الأرض أو أن يمحقهم او ما هنالك من عقوبات يحمي فيها رسوله بجبروته وقوته، ولكنه اختار بيتا من أوهى البيوت وهو بيت العنكبوت، فالتدخل لإنقاذ الثورة لا يحتاج للكثير، فعندما تعجز القدرات الدنيوية عن الفعل وتصل إلى حدودها القصوى يأتي تدخل الله سبحانه وتعالى ليدفع بالخير نحو النجاح. والله هنا يشير لنا أن تدخله لا يريد أن يلغي دور الإنسان بل يضعه في أبسط صوره وأضعفه بما هو كاف لتحقيق الغرض.
ومن ناحية ثانيـة فالله يشير لنا عندما نسموا إلى بناء رسالات الخير والحق بأنه حتى العنكبوت الصغير له دور في نجاح هذه الرسالات، فنحن في ثورتنا أشد ما نكون لأن نفكر بهذه القصة ونتسائل هل من الصعوبة أن نقدم ولو دورا صغيرا كدور العنكبوت. فكل جهد مهما صغر في هذه الثورة ضروري وعلينا أن لا نحقرنه، فعلى الأقل أن لا نعجز عن أن نكون بقوة العنكبوت. فالفرق بين الموت والحياة لم يكن سوى بيت العنكبوت.
كل سنة وأنتم بخير
وكل سنة وأنتم أحرار
1 comment:
An interesting and thoughtfull analogy.
Post a Comment