منذ فتح دمشق في الثامن من كانون الأول، كثيرة هي الأحداث والتصريحات المسفوحة في الساحة السياسية السورية. وقد نختلف في ايها أكثر أهمية من غيرها، ولكنني برأيي المتواضع يأتي تصريح الشيخ العرقسوسي عضو مجلس الإفتاء حول واجبات هذا المجلس هو الأكثر أهمية والأقدر على أن يؤسس لما بعده سواء رضينا على هذا الكلام أم لم نرض. فالشيخ العرقسوسي قال في تصريحه بأنه "من واجبات مجلس الإفتاء أن يصحح القرارات التي تأخذها الحكومة ويرشدها" أو بما معناه، يومها قام بعض المعارضين لمقولة الشيخ العرقسوسي ولا سيما من العلمانيين السوريين بتقديم تصريحات مستنكرة مقولته. يومها ماتت القضية أو سُكِت عنها ولم تجد فرصتها للنقاش والنمو. في الحقيقة اغلب المسيسين السوريين (واكاد ان اقول العرب) يعرفون طبيعة النظام السياسي الذي ينشدونه، فالعلمانيين يرون نظامهم في الغرب أو في النظام الإشتراكي الحاليين. أما الإسلاميين فكثير منهم ينظرون للنظام الإسلاني التاريخي ينظام منشود. وبرأي أن مشكلة كل منهما تكمن ليس في معرفة نظامه، بل في تحديد الطريق للوصول إلى هذا النظام "المنشود" وبرأي هنا تكمن المشكلة. فإذا اعتبرنا الطريق، يعتبر كل منهما أنه بمجرد السير على طريق نظامه لا يمكن أن يتقاطع مع الطريق للنظام الآخر. لذلك نرى ان الخشية من الآخر لا تبدو عند الوصول أو في درجات ومراحل متقدمة من الطريق، فالإعتراض على الآخر ينطلق في الخطوة من الطريق.
وهكذا كانت
محاولة الشيخ العرقسوسي لتوصيف اجزء من المراد في عمل مجلس الإفتاء انطلقت الحناجر
بالإعتراض دون محاولة إدراك ما هي الإحتمالات التي يفتحهها تصريح الشيخ
العرقسوسي. بل ألتصريحات التي يمعنتها
تشير إلى أن المعترض يحبذ أن تبق الأمور التشريعيى فوضوية على الأقل على أن تملك
مرجعية تشرية راتبة. والعلماني السوري واضح في اعتراضاته حساسيته الكبيرة من كل ما
هو شرعي اسلامي، رغم ان الشريعة الإسلامية
تعتبر مصدرا للقانون الفرنسي والدستور الأمريكي على سبيبل المثال.
فيتناسى
البعض أننا لا نريد أن بني دولة في صباح الثورة بل دولة ولاّدة تعيش الألفية كاملة. لذلك
لا بد من آليات ترعى عملية التقنين والتجديد في مجتمعنا بعيدا عن احتكار السلطة في
اليد الجهة التنفيذية منها.
No comments:
Post a Comment