Sunday, May 29, 2016

مواويل دمشقية إلى قمر بغداد



مواويل دمشقية إلى قمر بغداد

نزار قباني 

القصيدة كتبت في عهد التقارب العراقي السوي القصير الذي اكتشف به صدام ان الأسد يتآمر على قلب النظام لصالح الملالي الايرانية


أيْقَظَتْني بلقيسْ في زُرْقةَ الَفجْر

وغَنَتْ من العراق مَقَاما ..

أرْسَلَتْ شَعْرَها كنَهْر (دَِيالي)

أرأيُتمْ شَعْراً يقولْ كَلاَما ؟

كان في صَوتِها الرصَافَةُ والكَرْخُ

وشَمْسٌ .. وحِنْطَةٌ .. وخُزَامى

حملتْ لي جرائد اليوم والشاي

وفاضت أمومة وابتساما

ما لها زوجتي تطارحني الحب ؟

وكان الهوى علينا حراما

لك عندي بِشارةٌ يا حبيبي

فعل القوم (البعث) ما فعلنا تماما

ذكروني – قالت – بليلة عرسي

ورفيفِ المنى , وظُرْف الندامى

قبل عصر التوحيد نحن اتحدنا

وجعلنا (راوا) دمشقَ الشاما

أخَذُوا الحُب والصبابةَ عنا

ونسوا أننا اخترعنا الغَرَاما

إنْ يكونوا تَعَلمُوا لُغَةَ العِشْقِ

فنحنُ المتيمونَ القُدَامَى

إلتزامي أنا …. بوجه حبيبي

أوَليس الحبُّ الكبير التزاما ؟

تهمة الحب لا تزال ورائي

لا رآني ربي أردُّ اتهاما

.. وتزوجت زوجتي من جديد

وضحكنا ..وقبل كنا يتامى

يا شِراعاً وراءَ دَجْلةَ يجري

إقترِبْ .. إنني أموتُ هُياما

لي على الشط نَخْلةٌٌ تَيمَتْني

بهواها.. فاقرأ عليها السَلامَا

كيفَ أنسى في (الأعظميةِ) ظبيَاً

أشْعَلَ النارَ في دمائي .. ونَامَا

تلكَ بغدادُ .. بعد عَشُر سنينٍ

تلبسُ الماءَ والنجومَ حِزَاماً

دَجْلةٌٌ عاشقٌ يزورُ دمشقاً

وكريمٌ أتى يزورُ كِرامَا ..

إنَ كفَ المأمون في كف مَرَوانَ

وماءُ الفُراتِ صار مُدامَا

ليلة القدر ، ما أراه أمامي ،

أم يكون الذي أراه مناما

بابلٌ ضوَّأَت …. وقبر عليٍّ

ترك الأرض واستحال غماما

انتظرنا هذا الزفاف طويلاً

وشربنا دموعنا أعواما

لا بريدُ المحبوب يأتي إلينا

لا.. ولا النوم قابلُ أن يناما

حُلُمٌ مُدهِشٌ .. أخافُ عليهِ

فَلَكَمْ كسَرُوا لنا أحلاما

بَردَى يا أبا النُهُورِ جميعاً

يا حصاناً يسابقُ الأياما

كُنْ بتاريخنا الحزين نبياً

يتلقَى من ربَهِ الإلهاما

الملايينُ بايَعْتكَ أميراً

عربياً .. فَصَل فيها إمَامَا

وتَزوَجْ نَخْلَ العراقِ .. وأنْجِبْ

خالداً ثانيا .. وأنْجِبْ هشاما ..

يا عُيُونَ الَمهَا ببادية الَشامِ

أطِلي .. هذا زمانُ الخُزَامى

حَبَسُوكُن في الخيام طويلاً

فَغَزلْنَا من الدمُوع خياما

واستردُّوا (الجسر المعلَّق) مِنّا

واستردُّوا الغروب والأنساما

شَهِدَ اللهُ ما حَنَثْنَا بوَعْدٍ

أو خَفَرنا لمن نحب الذِمَامَا ..

غيرَ أنَ الرياحَ هبتْ علينا

ورَمَتْنَا على الخليج حُطَاما

عَلمُونا أنْ لا نُحِب .. فخِفْنَا

لو فَعَلْنا أن نستحيلَ رُخاما

واعتَذَرْنا عن أي حُب بديلٍ

ورفَضْنَا التخويفَ والإرغاما

كلُ هذا الخصام كان افتعالاً

حين يقوى الهوى يصيرُ خِصاما ..

يكبر العبث حين يسمو على النفس

وكان الإنسان كي يتسامى …..

يا شذا (الرازقيِّ) في ليل بغداد

عشقنا … فمن يرد السهاما ؟؟

يا سؤال الورد الدمشقيِّ عني

يا حقولاً ركضْت فيها غلاما

سنواتٌ عشرٌ .. نسيت حروفي

ودواتي , كما نسيت الكلاما …

ما كتبنا …. وكيف يكتب شعراً

من يُعاني تمزُّقا وانفصاما ؟

سامح الله مَنْ على غير قصدٍ

سرقوا من طفولتي أعواما

لي حبيبان , يملآن حياتي

أتعباني تنافراً وانسجاما


لم نفرق ما بين شعبٍ وشعبٍ

كيف يرضى لونُ السماء انقساما ؟

وطنٌ واحدٌ …. رسمناهُ قمحاً

ونخيلاً , وأنجما , ويماماً

نينوى .. البُوكمال .. طرطوس .. حمصٌ

بابلٌ , كربلاء , رُدي السلاما …

وطنٌ واحدٌ .. ولا كان شِعري

لو يٌغني قبيلةً .. أو نظاماً ..

هل أتتكَ الأخبارُ يا مُتنبِّي

أنَّ كافُور فكَّك الأهراما ؟

سقََََََطت مِصرُ في يَدي قرويٍّ

لم يجد ما يبيع إلا (التراما) ..

مسرحي الطموح , يلبس وجهاً

للكُوميديا …. وثانياً للدراما

هو فاروق … شهوة , وغروراً

والخديوي … تسلُّطا وانتقاما

وعد الناس بالرحيق وبالشَّهد

ولكن سقاهُم الأوهاما

ساق من فكَّروا لمحكمة الأمنِ

وألغى المدادَ والأقلاما ….

وظَّف النيل مستشاراً لديه

والملايين , ساقها أغناما

أضرم النار في منازل عبس

وتميم , و أنكر الأرحاما ….

عصبيُّ … يصيح في مصرَ كالديك ..

وفي القدس يمسح الأقداما …

جردوه من كل شيءٍ .. ولمَّا

استهلكوهُ … ألقوا إليه العظاما

مصرُ أمُّ الدنيا … وجزء من القلب

وليس السادات إلا مناما …….

وليس السادات إلا كابوسا

وليس السادات إلا للأمريكان عبدا وخداما

غيَّر الثائرون خارطة الأرض

وشدُّوا من حولها الألغاما

واستفقنا مع الذين استفاقوا

فامنحونا حُرّية … وطعاما

لم تٌغيِّر حضارة النفط ظفراً

من أظافرنا …. ولا إبهاما

قد حبلنا بالنفط … دون زواج

ووضعنا , بعد المخاض سُخاما ..

زهر اللوز , في حدائق شيراز

وأنهى المعذَّبون الصياما …

ها هم الفرس قد أطاحوا بكسرى

بعد قهر … وزلزلوا الأصناما

شيعةٌ … سنةٌ … جياعٌ .. عطاشٌٌ ..

كسروا قيدهم … وفكُّوا اللجاما

شاهُ مصرٍ … يبكي على شاهِ إيران

فأسوانُ …. منزل لليتامى

والخميني … يرفع الله سيفا

ويهني النبي والإسلاما

هكذا تصبح الديانة .. خلقا

مستمرا , وثورة , واقتحاما

لن يكون العراق إلا عراقاً

وهشام العظيم يبقى هشاما ..

No comments: