يبدوا
أنه أصبح لزاما أن اوضح موقفا من قضية حدثت هذا الاسبوع وحدثت عدة مرات في الماضي القريب
وسنواجه المزيد منها في المستقبل القريب. فالقضية تتعلق بقضية مصيرية ذات أبعاد عسكرية
وفقهية خطيرة. هذه القضية التي نتكلم عنها
هذه الأيام هي "قذف دمشق بالصواريخ من قبل الثوار." ففقهيا رأيي واضح بمثل هذه المواقف ولم
أغيره، وهو ينبع من مواقف يجمع عليها
علماء الأمة المتقدمين والمتأخرين.
فالعلماء بلا خلاف بين كبراءهم متفقون بنص كلام شيخ الاسلام بن تيميه رحمه
الله: ” وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَيْــــــشَ
الْكُفــــَّارِ إذَا تَتَرَّسُوا بِمَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ أَســـــــــــْرَى
الْمُسْلِمِينَ وَخِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يُقَاتَلُوا ،
وَإِنْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَتَرَّسُوا بِهِمْ."
وأنا
مؤمن إيمانا عميقا بصحة هذا الحكم في الحالة السورية ولا سيما في الحالة الدمشقية،
فهذه قضية مهمة لأنني دمشقي. ولا يمكن أن أقبل بهذا لمدن أخرى وأحجم خوفا على مدينتي
الحبيبة.
و أحب أن اذكر هنا أهل دمشق الكرام أحفاد بن تيمية ومحي الدين بن عربي أن من لا يحب
أن يتترس أعدء الله به فما له إلا إحدى السبيلين: الأول هو أن يهب هبة مقبل غير
مدبر فيُخرِج العدو الذي استباح الدين والأعراض من بين ظهرانيه، فيمتنع سبب التترس
ويفقد عدو الإسلام القدرة على النيل بالمسليمن وجيرتهم من خلال تترسه بهم، فحي المهاجرين
ليس بأشرف عند الله من دوما وغيرها من أرض الإسلام التي فعلت ذلك.
والسبيل
الثاني أن يتحيز أهل المناطق التي يتترس بهم النظام لفئة المجاهدين وأن يلتحقوا
بالمجاهدين والثوار ممن يلونهم. أما من
عجز عن هذا أو ذك فليحتسبوا عند الله لعل الله يجعل لهم مخرجا.
وهناك
نقطة مهمة وخطيرة نتوجه بها لقيادات الثوار،
فأحكام التترس واضحة، فلا يجوز القتل أو التحجج بأحكام التترس ما لم يثبت
بما لا شك به أن النصر لا يأتي إلا بقتل المتترس بهم للوصول إلى قتل الأعداء، فأحكام التترس تطبق حقيقة فقط عندما ينتج عنها النكاية بالعدو وإضعافه تخفيف عدده
وعدته، وبكلمة أخرى أن يرى المسلمون وجنودهم قوة في ذاتهم وضعفا في عدوهم يتناسب
مع التضحيات التي قدمها المتترس بهم من عامة المسلمين. فلابد من القيادت التي تنظر
في هذا التترس أن تجد أن النكاية بالعدو تأتي على قدر يتناسب مع تضحية الأبرياء
المتترس بهم. أما إن كان الإنجاز هو سبق إعلامي أو معنوي، أو تنافس إعلامي وتسابق فيما بينهم فهذا لا يمكن
أن يمت بصلة ما لأحكام التترس لا من قريب ولا من بعيد.
فقد
نصرنا الله بتقوانا وهزم أعدائنا بفسادهم وكفرهم، ولا كفر ومفسدة أكبر عند الله من
القتل فما بالنا بقتل الأبرياء من مواطنينا من أجل متاع قليل.
وبهذه المناسبة، نقول لعلماء
دمشق الذين استمرأوا الدعة والخنوع وما برحوا يتبعون أهوائهم في موالاتهم لمن أعلن
الكفر البواح وقتل الناس وهتك الأعراض ونهب البلاد أن ذنب هؤلاء المُتترّس بهم في
رقبتكم، ولم يعد لكم من العذر شيئا فلئن لَّمْ تنتَهواِ لَيغْرِيَن الله
بكِمْ من
يذيقكم شر ما اكتسبت أيديكم من الإثم ثم تردون إلى ربكم لجزيكم أسوأ ما كنتم تعملون.
هَـذَا
بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ
وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ