Saturday, July 12, 2014

النظام يسترزق بخبز المواطن وصحته:

الأزمة الاقتصادية تعصف بالنظام لدرجة أنه يسرق من أفواه الفقراء القليل الباقي. فبحركة واحدة سرق النظام السوري مايزيد عن 650 مليون ليرة سورية من فم المستهلك، فقد تناقلت الأخبار عن رفع النظام السوري لأسعار المواد الضرورية وأولها الخبز حيث رفع النظام سعر ربطة الخبز في المناطق المحتلة بمعدل 66% وهناك توقعات بأن يتم رفع أسعار مواد ضرورية أخرى بنسب مختلفة،  ومن الممكن وضع الكثير من التكهنات وراء هذه القرارات ولكن قرارا آخر أتخذه النظام بنفس اليوم يجعل إدراك هدف النظام وراء هذه القرارات سهل المنال.  فالقرار الثاني يقضي بخفض أسعار التبغ ومنتجاته من سجائر بمعدل 25%. 
نستطيع أن ندرس نتائج القرارات ومبتغى النظام من هذه القرارات على مستويين:  المستوى الأول هو الإستهتار الكامل بمصلحة المواطن وحاجته الصحية.  من المعروف أن إرتفاع سعر أي سلعة سيؤدي إلى خفض الطلب عليها والتقليل من استهلاكها.  كما أن خفض أسعار أي سلعة يؤدي إلى زيادة الطلب عليها ورفع كمية استهلاكها.   إذا النظام السوري وفي عمق الأزمة الإقتصادية والصحية والغذائية التي يعيشها المواطن في المناطق المحتلة يسعى لتقليل كمية الخبز الذي يستهلكها المواطن وزيادة كمية السجائر التي تحرق صحته. 
المستوى الثاني يحتاج أن نذكر بالمفهوم الإقتصادي المعروف "مرونة الطلب"  فمرونة الطلب لسلعة ما تقيس ردة فعل الكمية المطلوبة من السلعة عندما يتغير سعرها.  فمن المعروف أن الخبز مادة ضرورية وتحمل "مرونة طلب" صغيرة تقدر بين 0.20- و 0.40- لنفترض هنا أنها 0.30-  هذا يعني أن رفع أسعار الخبز بمعدل 66% ستؤدي إلى خفض المبيعات من الخبز بمعدل 19.8% . فبالتالي تكون النتيجة النهائية لرفع الأسعار هو زيادة دخل منتجيها وفي حالة الخبز هنا المنتج هو السلطة.  فزيادة سعر ربطة الخبز سيخفض استهلاك الخبز ولكن سيزيد دخل السلطة بنفس الوقت. لأن ما سيخسره النظام بسبب هبوط الكمية المباعة سيعوضه بشكل مضاعف على مستوى الأسعار. 
 وقد يتوقع أحدنا أن المنطق نفسه ينطبق على المنتجات التبغ،  فإذا اعتبرنا أن التبغ مادة ضرورية كالخبز وأن مرونة الطلب عليه أقل من الواحد (-1) فنتيجة خفض الأسعار ستؤدي إلى زيادة الإستهلاك. ولكن في الحقيقة "مرونة الطلب" على منتجاة التبغ أعلى من "مرونة الطلب" على الخبز يمكننا تقديرها وسطيا بين -1.14 و -1.44
بما معناه أننا إذا إعتمدنا -1.30 كوسطي "مرونة الطلب" على التبغ ومنتجاته فبذلك سينتج عن قرار النظام السوري بتخفيض سعر السجائر بمعدل 25% رفع الطلب على السجائر بمعدل 32.5% (0.25x1.3) هذا يؤكد استهتار النظام بصحة المواطن فهو محاولة مباشرة لتشجيع على التدخين في حين كل دول العلم تعمل على تخفيف التدخين في بلدانها. 
وسواء أدرك النظام بأن مرونة الطلب على التبغ أقل من الواحد أو أكثر ـ كما اعتمدناـ يبدو واضحا أن السلطة قررت أن تسويق وتفريغ مستودعاتها من التبغ هدف مقدم على صحة المواطن.  وبالتالي ما سيفقده النظام عن طريق انخفاض سعر السجائر سيربح أضعافه عن طريق زيادة كمية المبيعات. 
كما أن هناك عامل الإنتاج ومناطقه يلعب دورا كبيرا في هذا، فالطحين يقع في أغلبه في المناطق التي تقع خارج سيطرة السلطة أو متنازع عليها، بينما تقع مناطق انتاج التبغ في الساحل والمناطق التي يسيطر عليها النظام.  لذلك يحقق النظام هدفان معا هو زيادة دخله من جهة ومن جهة أخرى تصريف التبغ المنتج في المناطق الساحلية.
هذان القراران قد يسقطا أي حكومة في أي بلد آخر،  فهذان القراران يؤكدان عدم مبالاة النظام بحالة المواطن واستهتاره للصحة العامة، إذ أنه يضع قانونا يدفع المستهلك لتقليص حصته الغذائية وزيادة استهلاكه من السجائر المضرة.  ونحن نرى في هذين القرارين حالة الإفلاس المالي ونقص الموارد الحاد الذي تعاني منه مؤسسات النظام،  مما يضطره للبحث عن موارد مالية جديدة مثل هذه مهما صغرت نتائجها المالية مقارنة مع ضررها الصحي والإجتماعي.  



No comments: