كنت مراهقا صغير السن عندما اندلعت الثورة ضد
النظام الأسدي في نهاية السبعينات، وبحكم
كوني دمشقيا فقد كنت شاهد عيان على الأحداث السياسية التي عصفت بالبلاد جعلت من
الصعب جدا أن لا تمتزج طفولتي بالسياسة،
فأول ما أعي من الحدث السياسي خلو شارع بغداد في دمشق خلال حوادث 1966، ومن ثم ومع بداية المرحلة الإبتدائية شهدت
سقوط خزان وقود لطائرة قرب بيتنا خلال عدوان 1967 وعودة والدتي وخالتي إلى البيت ببندقيتين
للدفاع عن دمشق بعد أن أن فرالأسد الأب أمام الجيش الإسرائيلي. وتتابعت الحوادث السياسية لتصبح النقاط العلامة
في طفولتي، وكنت في مطلع الثمانينات أشهد
الظلم التي يعيشه أهلنا مباشرة وكلما اعتقل أحد من الناس كنت أبيت أتخيل ليلته في
سجنه، ولكن السؤال الذي يؤرقني بشكل كبير:"مع
كل الظلم والمظلومين هل حقيقة أنه لا يوجد في سورية من يستجيب اللهُ دعائه؟
ولم أعثر على جوابا له، ثم أجتباني الله وأخرجني من القرية الظالم
أهلها وأنا لخروجي من الكارهين، ودارت الأيام،
فإذا بأهل قريتي يضعون اسم الطاغية على كل ما هو مقدس،
حتى القرآن أصبح يدرس بفضل ومنة من الطاغية في مدارس "الأسد لتحفيظ
القرآن"
وتسألني اليوم فيما إذا وجدت جوابا
لسؤالي: لعل الجواب الذي يمكنني إضافته أن
الله لا يستجيب لدعاء الغنم. أما الثيران فدعوتهم
مستجابة دوما. فالغنم يرعى بالألف منها الراعي
بكلب أو كلبين، أما الثيران فهيهات للراعي
أن يرعاها كما يريد مهما قل عددها.
لذلك كانت الثورة من "ثور يثور فهو ثائر".