مما لا شك فيه أن الإتفاق الأمريكي مع سوريا كما رغبته الإدارة الأمريكية ودعت الشرع إلى واشنطن من أجله أن يكون شريكا في الحرب على "الإرهاب"، والرئيس الشرع وضع كل نواحي الإرهاب بمختلف ابعادها بما فيها الإرهاب الصهيوني والإرهاب الإيراني على الطاولة. ويمكننا أن نطمئن لتعريف الإرهاب عند رئيسنا الكريم يضمن حتى الإرهاب الأقتصادي الذي يتمثل بالمقاطعة والعقوبات التي "صممت" بالأصل لمعاقبة النظام البائد. كما قال "أنها جريمة أن يعاقب الشعب السوري بهذه الجريرة." والرئيس الشرع عبر عن هذه الفكرة بأكثر من مناسبة وبعدة أشكال. فلم يدخل الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض بصورة المتوسل ولا بهيئة العاجز. ولم يخرج خالي الوفاض. بل دخل يحمل خطة واضحة تلبي حاجات سورية الجديدة. طبعا كان اعتقاد اسرائيل وصقورها في واشنطن أنهم ركّعوا المقاومة في سوريا، وأن طلباتهم ستقبل مباشرة.وإن فشلت معهم فكانوا يعدون حفلة تطيح بالتفاهم السوري - الطرمبي شبيها بالحفلة التي كللت جهود رئيس اوكرانيا الشهيرة.
لعب الرئيس السوري أوراقه بحزم ونجاح وكان التلميح لدور المقاومة الشعبية يمر مرور الكرام من دون التوقف أوالسؤال ماذا تعني. طبعا مرت الزيارة دون ان تتمكن اسرائيل من انجاح اي محاولة لتعكير صفو اللقاء مع طرمب وما اتفق عليه مع الرئيس أحمد. طبعا نستطيع ان نعتبر أنها زيارة ناجحة فلا الشرع منح تنازلا للقيادات الصهيونية ولا طرمب استطاع ان يفرض شيء على الرئيس الشرع. كل شي بقي معلقا بانتظار صراع الديكة بين اسرائيل وحلفاءها الأمريكان. والرئيس طرمب الذي بدأ يشعر بالوحدة بمعزل عن اللوبي الإسرائيلي هذه الأيام بسبب فضائحهم الجنسية على مر مايزيد عن 40 سنة موثقة بالمخابرات الإسرائيلية وأذرعها في العاصمة الأمريكية. فوقوف الشرع جانبا شاهدا على الصراع الدائر كان عين العقل، فـ"لا كلب للسوريين في هذا العراك" كما يقول المثل الأمريكي. وهكذا عاد الشرع لدمشق ولم يتحقق غرض اسرائيلي بالزيارة. فبات من الضروري تحريك المشكل وبسرعة فالأنتخابات الأمريكية باق لهااحد عشر شهرا، وخلافا للمعهود وبفضل صمود غزة وجرائم اسرائيل، أصبحت فترة الإنتخابات الأمريكية عبئا على المصالح الإسرائيلية وتحتاج اسرائيل ان ترتب امورها قبل الإنتخابات. وهكذا كان الحل هو افتعال حدث عسكري. فاختراق "بيت جن" القرية السورية الهادئة كان هو خيار اسرائيل، ولم يكن خيار الشرع، وخيار الشعب السوري كان المواجهة، وهو كذلك. والبقية معروفة. فما تخشاه القيادة الإسرائيلية هو غياب "القوة الرسمية" التي واجهتها وألحقت بها الخسائر. وإن استطاعت محاصرة فلسطين فمازالت بعيده كل البعد عن حصار الشعب السوري حتى في اقرب قرية لحدودها وأكرثها سلمية وبيت جن تأتي لتؤكد حدود العجز الإسرائيلي في واشنطن وفشل لوبيها في فرض اجندتها.
سورية الجديدة تسير يد بيد مع شعبها وشعوب المنطقة، ومع كل يوم يتبين أن خياراتنا تزداد وضوحا ويزيد اقترابها من الواقعية ومصالح شعبنا في المنطقة. والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.