كتبت منشورا أطالب "زبائن وسائل التواصال
الاجتماعية" بعدم نشر صور قيصر الفردية إلا بعد اذن اهل الشهيد، ولكن يبدو
أننا في زحمة الأحداث نسينا أصول الذوق واللباقة. فصور #قيصر
بـ"مجموعها" اصبحت ملكا جماعيا وخبرا ثوريا عظيما نستعمله جميعا بما
نراه مفيدا لنصرة ثورتنا التي استشهد هؤلاء الأبطال من أجلها. ولكن الحكم يختلف عندما نتكلم عن شهيد بعينه،
فصور "شهيد مُعيّن" مازالت ملكا لأهله وابناءه بما تجرها عليهم من مشاعر
واحساسات ومواقف سياسية واقتصادية
واجتماعية. فنحن لا نقول بعدم نشر الصور بمجموعها، ولكن عندما تنشر صورة وتقول: "هذا
فلان" فلِفُلان الشهيد حقٌ علينا أن لا نفعل هذا قبل اعلام اهله، فمن منا
يريد أن تراه امه شهيدا فجأة عن طريق الفيسبوك؟ ومن منا يريد أن تتفاجئ ابنته
برؤية صورته شهيدا على صفحة النت؟ هذه قواعد لباقة وحق من حقوق الشهداء علينا. فمن
يهمه التوثيق وما إلى هنالك وهو ضروري لمجتمعنا وثورتنا، عليه أن يأخذ الخطوة
الإضافية ويباشر إلى الاتصال بأهل الشهيد ليعلمهم قبل ان يسارع لنشرها على التواصل
الإجتماعي. كما أنه هناك فرقا أن يذهب والد الشهيد إلى صفحة قيصر ويبحث عن ابنه،
فيجده (أو يسألك ان تفعل هذا) بينما أن يتصل معه صديقه ويمهد الموضوع ليعلمه بما
وَجَد؛ عندها نتأكد بأن تعرفنا للشهيد كان صحيحا، وأننا لن نصدم مشاعر محبيه برؤية
حبيبهم الفقيد فجأة. واخيرا أحيانا صورة الشهيد الميت قد لا يحبذ اهله نشرها بل
لربما يعطوك صورته الجميلة وهو حي لتنشرها مكانه.
لقد خرجنا في ثورتنا وعشنا في الخنادق والسراديب
والخيام وقطعنا البحار سباحة وسرنا مشيا على الأقدام بين القارات ولكن هذه المحن
لن تسلبنا تقاليدنا الجميلة ولن تنسينا كيف ننتج قيم واصالات اجتماعية نتعامل
خلالها مع المستجدات في واقعنا.
محي الدين قصار
6 حزيران 2020