يقف اليوم بعض الاعلاميين في
كتاباتهم عن الإقتصادي التركي موقفا متحيزا،
فأولئك الذين يميلون للغرب ولدعاياته يتبنون أي خبر يسيء للاقتصاد التركي؛
فهم ينظرون للرئيس التركي الطيب أردغان على أنه مؤسس أخر دولة تركية، فهذه الدولة
تحيي المشاعر العثمانية وتقف على حدود أوربا الشرقية متعاملة بمهارة عالية مع دول
أوربا الشرقية وتتعامل مع روسيا متجاوزة في ذلك اوربا الغربية. فالجميع في المنطقة يعتبرون تركيا اليوم البلد
الذي لا بد منه في الاستراتيجية الدولية.
ولكنهم جميعا لا يستطيعون التعبير عن ذلك صراحة، فتأتي اسقاطات هذه الحقيقة على شكل تهجمات
عشواء على تركيا وقيادتها. فقد جربوا اثارة الغضب الجماهيري واستفزاته، ثم جربوا
الانقلابات العسكري السرية والعلنية وكان آخر العلنية منها انقلاب تموز 2016. كما
مارسوا الهجوم الاقتصادي وكان آخرها الهجوم على الليرة التركية هذه السنة
(2018) وبائت كلا بالفشل .
فمن يبحث عن
"الاقتصاد التركي" في الإعلام الغربي يقرأ الحديث عن الأزمة التركية
المزعومة، بينما لا نرى أثرا لهذه الأزمة المزعومة على الأرقام الناتجة عن المراكز
الاقتصادية الغربية. بلومبيرغ و مودي
تتصدران الهجوم على الإقتصاد التركي. على
سبيل المثال يتصدر في مقالاته الحديث عن الاقتصاد التركي الذي يُصور دائما زيفا
بأنه "مأزوم. فيضطر الكاتب أن يختزل
في عرضه الرسم البياني للناتج القومي التركي إلى أربعة أشهر، ورغم أن القاعدة أن لا يتم الحديث عن
"ركود اقتصادي" لأي بلد إلا بعد
أن يتم الحصول على ستة أشهر من معدل زيادة سلبية للناتج القومي. ومع ذلك لا تتوانا
البلومبرغ من الكلام عن ركود اقتصادي تركي رغم ان البيان الذي نشرته يضع معدل نمو
أيجابي وليس سلبيا (1,56) كما يتطلب ان
نراه قبل الحديث عم أي ركود.
ولكي يضمن الكتاب الصورة سلبية يتم
التلاعب بالإطارات الزمنية لهذه المقارنات.
فعندما يكون الحديث عن مقارنات فصلية للأداء غير سلبي يتخذ كتابها الأرقام
الشهرية لإظهار اداء سلبي. ويتم الحديث عن
ضعف الليرة التركية ولكن لا يتم الحديث عن
مساهمة هذا الضعف في زيادة الصادرات التركية وتقليص الواردات وتحسينا للميزان
التجاري التركي.
ففي الواقع يصاب الاقتصادي الذي
يقرأ هذه المقالات بالقرف وهو يرى هؤلاء الكتاب يلوون أعناق الاحصائيات ليبشروا
بالفشل التركي وينهوا كلامهم بالحديث عن نهاية رئاسة أردوغان. ونحن لا نقول بأن تركيا بمعزل عن تداعيات
الأزمة الإقتصادية التي تحيط بمن حولها من دويلات ـ ولا بالأزمة الأقتصادية التي
تطرق أبواب أوربا الغربية عام 2019. ولكن نرى أنه هناك جهدا واضحا في الكلام عن
الأزمة ممن يتمنون حدوثها.
(للحديث تتمة)
محي الدين قصار
شيكاغو 12/26/2018