Monday, October 31, 2011

أين يختبئ بشار أسد وممن يخاف؟



هناك الكثير مما يمكن أن يقال عن مقابلة بشار أسد مع صحفي الديلي تلغراف أندروا جيليان يوم 28 تشرين الأول 2011.  ولكن ما أثار اهتمامي المقدمة التي وضعها الصحفي للمقابلة.  فهي تعني الكثير رغم أنها صيغت لتعبر عن الحالة الإستثنائية للآسد مقارنة مع الدكتاتورات السابقة.  ما هو مثير حقا الحقائق التالية:
أن المقابلة لم تتم بترتيب من القصرالجمهوري و وزارة الإعلام،  فالصحفي يقول أن إمرأة صغيرة بالسن رتبت اللقاء وقامت بنقله بسيارتها الخاصة،
أن المقابلة لم تتم في القصر الجمهوري،  ولكنها تمت في مكان أقرب إلى أن يكون مخباء. فالصحفي يقول بأن السيدة ساقت السيارة لمدة عشر دقائق قبل أن تدخل إلى طريق جانبا لا يبدو عليه أنه يستعمل كثيرا وفيه أعشاب طويلة على جانبه. 
لم يكن هناك أي أمن مرئي أو ظاهر للعيان بل لم يكن هناك حتى بوابة،  كان هناك رجلا بلباس عامل التنظيفات يقف أمام كوخ صغير. فقد ساقت صعودا إلى بيت ذو طابق واحد شبيه ببيوت الضواحي،  كان الرئيس ينتظرالصحفي في البهو.  وقد جلسوا ثلاثتهم على صوفا في مكتب أسد الصغير.  
فهذه الترتيبات تطرح أسئلة أكثر.   منها هل هذه الترتيبات بعيدة عن القصر الغرض منها فقط خداع الصحفي بتواضع بشار أم أن بشار أصبح ينام في كل يوم في مكان،  ونحن نعرف أن المتظاهرين لا يشكلون خطرا مباشرا اليوم على بشار فإذا يخاف بشار ممن ؟
فهل هو يختبئ في بساتين التي تحيط كلية الزراعة،  أم أنه في منطقة الربوة وقدسيا؟ أعتقد رسم خطوط 10 دقائق من فندق الصحفي أو من منطقة الفنادق كافية لكي تقول لنا أين هو بشار.  :-) 

Monday, October 10, 2011

ما قدروا ثورتنا حق قدرها: فالسوريين ليسوا وحدهم في المعركة.



فؤجئ العالم ومعه مراكز الرصد المتخصصة بالعالم العربي بالثورة التونسية وسرعة تهاوي الدكتاتوريات العربية.  وما زالت هذه المراكز في حيرة من أمرها تتساءل عن طبيعة هذه الثورة.  فما زالت وسائل التحليل وادواته السائدة عاجزة عن مواكبة الثورة العربية واسقاطاتها على العالم.  فهذه الوسائل تبقى حبيسة مفاهيم القرن التاسع عشر سواء الليبرالية أو اليسارية منها،  ومازال يعيش البعض وهْم الصراع الطبقي، بينما يسيطر على الآخرين رؤية العالم في صراع أقطاب بين أمريكا وغيرها. 
وانتقلت الثورة من تونس إلى اليمن ومصر وليبيا وسورية واليوم نرى ارهاصاتها في شوارع أثينا وضواحي باريس وانتقلت إلى نيويورك وبالتحديد إلى وول ستيرت.  وفي هذه العجالة لا يسعنا التوسع بالتحليل البديل،  ولكننا نقول بأن الثورة التونسية - ومن ورائها الثورات القائمة والتي ستقوم قريبا - كانت بكلمات مقتضبة: ثورة ضد "الطرابلسية" في كل مكان، (نسبة إلى زوجة بن علي في تونس)  ففي كل من هذه الأقطار نجد الـ"ملأ" الذي افرزته القيادات السياسية وعلاقاتها الاقتصادية، ويحمل هذا الملأ كل الصفات الطرابلسية.  وبإمكاننا أن نتشعب بشرح هذه الطرابلسية في كل قطر ونكتفي بالقول أن في سورية نجد أن الطرابلسية تتمثل بمخلوف وثلته.  بل أن أحد ابواق النظام السوري سماهم باسمهم على الجزيرة عندما قال: "أن هناك مئة من كبار رجال الأعمال من يقف مع نظام أسد".   من هنا علينا أن لا نتفاجأ بان نجد ابناء الطرابلسية في كل قطر يتكاتفون ساعين الالتفاف على الثورة ولكنهم "كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ"  "وَمَا دُعَاء - الطرابلسية - إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ".   
وقد سيطرت "طرابلسية"  سورية ولصوصها على الدولة والمجتمع والاقتصاد.  فكل القوانين والخطط الاقتصادية توضع وتُفصل لمنفعة هذه المجموعة الطفولية وتخدمها كما تخدم وكلائها على الصعيد الدولي في مراكز العولمة.  ومما يؤسف له أن هؤلاء الأثرياء الجدد كحالهم في كل قطر يضعون انفسهم في خدمة مراكز العولمة العالمية ولكن الحالة السورية تجعل نفسها في خدمة العولمة من خلال الوسيط الخليجي.  ونحن نرى مسارعة بعض القوى الخليجية لمساعدة مخلوف في تبيض رؤوس الأموال اعتقادا منهم أنها ستمنح هذه الأموال بعض الحصانة في حال سقوط النظام،  فقام مخلوف ببيع بعض اصوله لمستثمرين خليجيين، ولا نستطيع أن نعتبر مثل هذه العمليات إلا عملية "غسيل نقود"  فمن يشتري مالا مسروقا لاحق له به مهما كانت طبيعة عملية الشراء هذه.  
هذه الصور وتصرفات الطرابلسية في كل البلاد لا تختلف كثيرا سواء في دمشق أو ريوديجانيرو او نيويورك،  إن الثورة العربية مازالت في أيامها الأولى في اطار التاريخ البشري،  والمفكرون العرب "يغرقون في شبر ماء"  عندما يتحول الحديث عن الثورة،  فنحن بحاجة لأن نعط هذه الثورة حقها ضمن اللحظة التاريخية التي تعيشها البشرية اليوم،  فالأعباء المترتبة عليها كبيرة،  ونحن لا نخدم هذه الثورة الكريمة ما لم ننظر لها في اطار التموضع العالمي لهذه الثورة ومن خلال الأزمة الكبيرة التي يعيشها تاريخ العولمة. فكفاحنا ضد النظام السوري و"طرابلسيته" لا يختلف عن كفاح أمثالنا في البلاد الأخرى ضد "طرابلسيتهم". وربيع العرب ليس ثورة لتغيير الحكام فقط، بل إن وعَيْنا أبعادَها فسنجد فيها بذور ثورة عالمية على نظام تعصف به الأزمات الصامتة آن للبشرية تجديده.