كلمة ألقيتها في مهرجان
"متحدون من أجل سورية" الذي نظمته منظمة "المسلمون الأمريكيون من
أجل فلسطين" بالتعاون مع "الجمعية السورية الأمريكية" وآخرين يوم
السبت 29 إيلول 2012 في برٍدجفيو (ضاحية شيكاغو.) (مع بعض التصرف في الترجمة)
احب أن اشكركم على حضوركم للإستماع لصوت الثورة
السورية، فقد حملني الشباب من الجبهة
رسالة أمل، فقد تعلمت اليوم جماهيرنا بعد فشل
الحلول لمشاكلها ولأزماتها ما يقارب قرن من الزمن، بأن فشلها يكمن في أنها تبني
حلولها على ضلال، فالضلال والظلم لا يؤدي
إلا لضلال وظلم أكبر، فمن منع الحرية في
دمشق لن يمنحها في غزة، ومن سرق في حلب لن يتحول إلى شريف في القدس. فأتت الثورة
لتنتفض على قياداتنا المتآكلة وأساليها الضالة المضلة التي طالما تغولت باسم
المصلحة العليا.
أيها الخوة والأخوات شبابنا
يرون الثورة على أنها ليست تغييرا في النظام الحاكم فقط. فالثورة إنقلاب على جميع العلاقات داخل
المجتمع: علاقات السلطة بالأفراد، علاقات المؤسسات بالسلطة، وحتى علاقات الأفراد
بعضهم البعض. كلها تحتاج لإعادة هدم وبناء جديدة.
إننا نرى هذا الإنقلاب
يحدث أمام أعيننا، لذلك تبدو سوريا اليوم
وكأنها "ورشة بناء" كبيرة.
وإن كان اولئك الذين مازالوا ينظرون بعيني العبد الكَلّ على مولاه والذي
استمرأ العبودية على أنها "خرابة كبيرة ودمار واسع."
ولكننا في الثورة لا
نريد أن نغير السلطة وحدها بل أن نقلب كل هياكل المجتمع وحتى وسائله. لذلك، فلابد أن تطال مرحلة "إعادة
التفكيك" كل البنى المهترءة وكل
العلاقات المتكلسة والقيادات المتحجرة
لنتمكن من بناء جديد سليم قائم على أسس صحيحة لا تعتمد الضلال والتضليل للوصول
إلى الصواب ولا التروية والكذب لقول الحق.
وإن كنا نرى اليوم آثار التفكيك على المباني والشوارع ولكنها هي الأعمق على
فراعين الأمة وطواغيتها حتى الذين لايسكنون القصر الجمهوري.
لقد رأيت الشباب لا
يثورون على الأهداف القديمة وحدها بل يثورون على الوسائل القديمة، فقد اختار شعبنا مقاربة جديدة على
البشرية، جمعت الدعوة الحسنة والكلمة
الطيبة في إطار عمل سلمي لاعنفي، ولكن رغم
سلمية ثورتنا وسلمية شبابنا وحبهم لأن تصبح الثورة نقلة نوعية بأقل التكاليف، لم ينسَ
شبابنا أن جزء من عملية الحد من تكاليف الثورة أن نعد العدة لعدو الحق من رباط
الخيل نرهبه بها وندفع به عن المسالمين من أهلنا وحميهم من شر من لا ضميرله ولاذمة.
أخوتي لقد رأينا وسائل
ثورتنا هذا العام تنتقل إلى ماوراء حدود سورية،
فقد شاهدت الأمة كيف استطاع اخوتنا في فلسطين ومن قلب ظلمات السجون
الإسرائيلية عندما تبنوا الوسائل الجديدة التي أتت بها ثورتنا أن يحققوا ما لم
تحققه لهم كل السياسات والقيادات القديمة.
لقد سمعت الكثير من
شبابنا الثائر، فقد سألوني الشباب سؤالا مهما جدا: ما هي الرسالة التي تحملها جاليتنا لمجتمعها الأمريكي؟ ما هو المشروع الحضاري الذي نقدمه للبشرية نرفع
عن كاهلها بعض الظلم؟ وكان أهم ما سمعته
هو رسالتهم التي أحملها إليكم بأن ثورتهم لن تقف على حدود سورية، بل عندهم الأمل
الكبير أن تمتد لتصل إلى أخوتهم في مغترباتهم، فتكسر قيودهم التي درجوا عليها
والقيادات التي نائوا تحتها باسم "القضية الكبرى". ليتمكنوا من إعادة صياغة طرح
حضاري حقيقي جديد على المجتمعات التي يعيشون بين أظهرها ولإعادة دور جالياتنا في
مجتمعاتها بمايليق بعراقة الأمة وعمق تراثها وعقيدتها لكي تساهم هذه الجاليات في
نصرة الحق وتقديم الخير والعدل للبشرية أينما كانت ، فعندها تستشرف جالياتنا
موقعها الذي يليق بها في مجتمعاتها التي استضافتها.
لكم التحية من ثوار الوطن والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.
No comments:
Post a Comment