Saturday, December 31, 2016

سوريا والبرنامج الروسي القادم :

سوريا البرنامج الروسي القادم : 
الاتفاق ـ في العقل الروسي ـ هو محاولة لتحديد معالم "خريطة عمل" للصراع الروسي-الأمريكي في عهد ترامب.  فما يرغبه المخططون الروس هو خلق الأوضاع التي تجعلهم الأداة الضرورية التي لا غنى عنها في محاربة "الإرهاب الإسلامي." وهكذا فالاتفاق يُمهد الوضع لاعادة اصطفافات محلية،  فيتحول الروس لرعاة لـ"فصائل الثورة المسلحة"،  ومن لا ينضم تحت هذه الرعاية سيُلحق ، على الاقل اعلاميا ـ بـ"الدولة_الإسلامية"  أو بـ"النصرة".  وهكذا ستكون الإدارة  الأمريكية ـ على الأقل بمخيلة المخطط الروسي ـ أمام الخيار "الأسلم" وهو : "اعتماد روسيا كوكيل يتولى أمل الإرهاب في سورية."  طبعا هذا الأمر لمح له ترامب أكثر من مرة ولكن لا اعتقد أن من يقف خلف ترامب سيوافقه على هذا وتكرار خطيئة اوباما (القيادة من الخلف).  
فلو تم للروس هذا فسينقلون الحكم من الأسد لأحد ضباط المخابرات العسكرية المرتبطين بشكل عضوي بالمؤسسة العسكرية الروسية تاريخيا.  ويتم تصفية الثورة باسم محاربة الإرهاب بسكوت وقبول أمريكي-دولي. 

يتطلب إدارة هذا الوضع قبول الفصائل الثورة المسلحة،  هذا الأمر ليس بالأمر الصعب، فتفرقها وتشتتها وغياب الرؤية الاستراتيجية عند كل مستويات القيادة فيها كفيل بأن يضمن انصياعها للأرادة الروسية.  الطرف الآخر هو الأسد وجماعته،  لذلك فهو لديه رغبة قوية بأن يبق "كأداة محاربة الإرهاب"  وتاريخه الطويل في هذه اللعبة يعطيه بعض الخبرات، ويأتي استمرار وجوده كعنصر داعم لـ"الفوضى الخلاقة" الشهيرة وطالما أنه يستطيع أن يضمن أن تبق هذه الفوضى منضبطة فوجوده مرحب به من أصحابها.  ولكن الحسابات الروسية لا تهتم بالأسد كشخص طالما عندها جيش من الضباط الذين يمكنهم أن يُبقووا العلويين ضمن اللعبة فالاستمرار مع الاسد كعائلة سيصبح قريبا عائقا اكثر منه مفيدا. 
وحدهم النظام الإيراني والمتأيرينون العرب من سيجد موضع قدمهم مهدد في سوريا. وعزائهم الوحيد أن يستمر وجودهم على الطاولة العراقية واعتماد الإدارة الأمريكية عليهم.  فأملهم دوما بخدمة المشروع الأمريكي في العراق كوسيلة للحوار مع الأمريكان.  معضلتهم ان هذا ليس بيد أوباما إلا لأسابيع ثلاثة أخر،  والقادمون إلى الإدارة الأمريكية لم يتعاملوا تاريخيا مع آيات قم إلا كشيطان لابد منه.  لذلك سنجد النظام الإيراني وأدواته "الأسد والعرب المتأيرنه"  هو من سيحاول جهده نسف الاتفاق الروسي.  

هذه ليست أمنيات بقد ما تفرضها خيارات كل لاعب في الساحة السورية،  وقد يبدو للبعض أن هناك خيارات أخر، ولكن الحقيقة أي خيارات تطرح تحتاج لعنصرين.  العنصر الأول هو تغيير موازين القوى على الساحة أما الثاني فهو امتلاك الإرادة السياسية والبرجماتية لفرض خيارات جديدة. إدارة الرئيس المنتخب ترامب قد تملك في جعبتها ما يبطل كل هذه الخيارات ويفرض خيارات جديدة، وحدها الأيام ستعلمنا في الأيام القادمة.  مما لا شك فيه أن خيار ترامب التعاوني مع روسيا له أعدائه الكثيرين في الطبقة السياسية الأمريكية،  فجمهوريين وديموقراط يتعاونون في الأيام الأخيرة لخلق قواعد قانونية واجرائية تكبل يدا الرئيس القادم وتجعل تقاربه مع النظام الروسي أكثر صعوبة استراتيجيا وإجرائيا. 
وأخيرا،  في هذه الأجواء الدولية تبق النصيحة الوحيدة لثوار سورية أن يدخروا سلاحهم فمازالت المعركة طويلة. أن أي محاولة لأشغالهم بمعارك جانبية مع أي طرف غير النظام لن يصب إلا بمصلحة النظام. 
  
محي الدين قصار

12\31\2016 

2017 ومابعدها: مشروع رب العالمين إلى العالمين إلى أين؟

2017 ومابعدها: مشروع رب العالمين إلى العالمين إلى أين؟ 

كثيرة هي القنابل الدخانية التي تهدف لاضاعة الوقت والابتعاد عن طرح الأسئلة الحقيقية على الأمة.  وإن الجدل الطويل هذه السنة الذي نراه حول "حرمة المعايدة والاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية" الا مثال على ذلك.   وسنرى خلال 2017 لائحة طويلة من هذه القضايا الجانبية تثيرها وسائل الاعلام وناشطي التواصل الاجتماعي شبه الرسميين.   
مثال على هذه الأسئلة المصيرية:   أمام الحرب الصليبة التي تعلنها الإدارة  الأمريكية الجديدة ؛ ما هي رسالة الأمة ووسائل تحقيقها هذه السنة ؟

نعم؛ من لا يقرأ الإدارة  الجديدة بهذا المنظار لا يفقه شيئا بالتركيبة الامريكية.  وعندما أقول "حرب صليبية" فلا يعني ان المسلمين وحدهم هم المستهدفين بهذه الحرب،  بل كل نصارى الشرق معهم مستضعفي العالم من مانيلا في الفلبين إلى بوتو في كولومبيا سيكونون وقودا لهذه الحرب سواء أرادوا أم لم يريدوا.  هؤلاء المستهدفين يُضم في اجنحتهم العامة من الأوربيين،  ولكن تمكنت المشاعر القومية والحركة الشعبوية التي تجتاح العالم أن توهم هؤلاء "المستضعفين البيض" أن لهم مصلحة في هذه الحرب المعلنة على الإسلام.  وسيضمن سفهاء المسلمين وغلاتهم أن تستمر تغذية هذه المشاعر عند الجميع خدمة لأصحاب "الحرب الصليبية" غير المُعلنة.     
هذه الأجندة ستبقى حتمية طالما استمر المسلمون بتكرار الماضي ؛ وطالما تعامت القيادات السياسية التي تتحكم ببلادهم عن حقيقة المعركة وطبيعتها متسلحة بعقلية سياسية مُبسّطة أقرب للبداوة. ولكن هذه الحرب المعلنة والهزيمة القادمة بامكانها ان تفقد حتميتها لو استطاع العالم الاسلامي أن يستشرف دوره الحقيقي وأهميته في قيادة الإنسانية في القرن الواحد والعشرين،  والسؤال الذي يجب أن نطرحه إلى أين نقود هذا العالم؟ وكيف نُزكيّه ليرتقي بعيدا عن الوحل الذي يعيش به؟  أما من يطرح علينا أسئلة مثل سؤال هل نهنئ العالم على سنته الجديدة؟ فأعلم أنه قد لا يكون يملك من رسالة رب العالمين إلى العالمين شروى نقير. 

محي الدين قصار 12\31\2016  

  

Saturday, December 17, 2016

من يبيعني غضبا فأشتريه؟!

من يبيعني غضبا فأشتريه؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
 يذكر أن الشاعر الجاهلي أبا ليلى المهلهل التغلبي لما قُتل أخوه وائل بن ربيعة جلس عند قبره يبكي، ويواصل ليله نهاره بالبكاء، وكان بنو قومه يلومونه -وهو الفارس القائد الشجاع- على اكتفائه بالبكاء عن الأخذ بثأر أخيه حتى يئسوا منه، وعيره بعضهم بأنه كالنساء يثأر بالعويل والبكاء، فما فاجأهم بعد يأسهم منه إلا وقد لبس لباس الحرب، وقد امتلأ غضبا على بكر يريد إفناءهم، ولا يتحدث بغير ذلك.
 ويذكر أن الحارث بن عباد وكان سيد بني يشكر من بكر اعتزل حرب بكر وتغلب التي كانت بسبب البسوس وسميت بها، فلما قتل أبو ليلى المهلهل ابنه بُجيرا في سفارة صلح بين الحيين بكى عليه، وقرض القصيد فيه، وكان كل ليلة يسمر على هضبة تطل على بيت أبي ليلى ينظر إليه ويبكي، فلما سئل عن ذلك، قال: أريد أن يمتلئ قلبي غضبا عليه حتى إذا حاربته لا يقف في وجهي شيء.
 إذن كان القائدان الجاهليان الشجاعان يستعدان لمواجهة العدو بملء القلب غضبا عليه؛ ولذا حقق كل منهما مراده، فالمهلهل نال من بكر بغيته، وأثخن فيهم ذبحا وإفناء، والحارث كسر بقومه أبا ليلى المهلهل وهزمه شر هزيمة.
وذكر ابن الأثير في تاريخه أن الصليبيين صوروا عيسى ومحمدا عليهما السلام، وجعلوا محمدا يضرب عيسى حتى أسال دمه، وكانوا يطوفون على الشعوب الأوربية بهذه الصور يقولون: محمد نبي العرب يضرب نبينا يسوعا حتى أدماه، وأتباعه أخذوا القدس بلد المسيح ودنسوه، وذكر أن النصارى مع هذا الشحن امتلأت قلوبهم غضبا على المسلمين، وكان عندهم من الدوافع النفسية ما جعلهم يضحون بكل شيء لحرب المسلمين، حتى إن امرأة ليس لها إلا ولد واحد باعت منزلها وجهزت بماله ولدها فسار مع الصليبيين في حملاتهم، وأسره المسلمون فذكر لهم قصته.
 قدمت بهذه المقدمة لهذه المقالة؛ لأننا في زمن يلقننا فيه أعداؤنا قيم السلام، وسماحة الإسلام، ويحذروننا من الانتقام، ويعلموننا كيف نرد أبشع صور العدوان بالصفح والسماحة والغفران، وليس لهم مراد من ذلك سوى تخديرنا وإسلام رقابنا وأعراضنا وديارنا لوكلائهم الجزارين.
ولقننا أعداؤنا أن العداء في الدين خرافة عششت في عقول المتطرفين ولا حقيقة لها في الواقع، وعلمونا أن النظرة العقدية للأحداث السياسية هي نظرة ضيقة طائفية تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، ومع صناعة السلام التي تضطلع بها الدول الغربية.
وكل ما سبق يستقيه الليبراليون والتنويريون من أطروحات الغربيين والباطنيين ثم يقذفوننا به ناصحين ومحذرين ومنذرين من أي ضغينة على الأعداء، أو حقد عليهم، أو تفسير ما يجري تفسيرا دينيا، في الوقت الذي كنا نرى فيه رؤوس أهل السنة في العراق تخرق بالدريلات، وتقطع أطرافهم بالمناشير، ويُقذف الخباز منهم في فرنه وهو حي لمجرد أن اسمه عمر، ويحمل رافضي إلى عرس شاباً سنياً موثقاً ومرمياً في خلفية السيارة، فيسحب الرافضي هذا الشاب في العرس ويعتذر لصاحب العرس أنه لم يجد ما يقدمه معونة للمتزوج فجاء عوضا عن ذلك بهذا الكلب الناصبي ليذبحه في العرس، ثم أطلق رصاصة على رأس الشاب أردته مضرحا بدمائه، ورأينا في أفلام مصورة مبثوثة نساء أهل السنة متلففات في عباءات سوداء لا يرى من إحداهن شيء يسوقهن الرافضي الحاقد فيجلسهن جماعات موزعة، ويدير على رؤوسهن رصاص الرشاش فلا يغادر منهن واحدة، ونُقل إلينا أن بنات أهل السنة يَعرضهن الروافض على عباد الصليب ليتسلوا في غربتهم بأعراضهن. ورأينا الكثير والكثير من ذبح أهل السنة وتعذيبهم على أيدي من يجب علينا في العرف الغربي، والتلقينات الليبرالية والتنويرية أن نجعلهم إخواننا، وأن لا نصطف ضدهم وإلا كنا طائفيين. وكنت أسمع استغاثات الشيخ الدليمي باكيا يخبر أن أهل السنة ينحرون، ويصيح في إخوانهم لإنقاذهم، وتذهب استغاثاته أدراج الرياح، فلا الشعوب تقدر على شيء، والحكومات تتغافلها لمصلحة السياسة حتى يأتي دورهم في الرحى الباطنية التي نصبها الغرب لتسحقهم كما سحقت من قبل إخوانهم.
 ثم بعد العراق رأينا في الشام المباركة أضعاف ما رأينا في العراق ولا نزال نرى ذلك، وبالأمس فقط رأيت مقطعا لشبيح نصيري قد أوثق شابا، وتسلى في رأسه بمنشار كهربائي حتى جز به رقبته وكتفيه، ورأيت رجالا يوطئون بالأقدام، وتهشهم رؤوسهم بأعقاب الرشاشات، وهم ينزفون حتى الموت، ورأيت أطفالا قطعوا أوصالا، ورأيت غلمانا مثل بوجوههم أحياءً وأمواتا، ورأيت شبابا يذبحون بالسكاكين كما تذبح الأنعام، وحدثني من قابل اللاجئين السوريين في الأردن وتركيا أهوالا فعلها بهم النصيريون والرافضة المساندون لهم، ومما حُدثت به أن امرأة أخذوها من منزلها في غياب زوجها، فجن جنون الزوج، وبحث عنها في كل مكان يتوقعه، واتصل بمن يعرف في الأمن النصيري حتى عثر عليها في بعض مراكزهم عن طريق الاتصال بضابط المركز الذي اشترط مبلغا كبيرا من المال ليطلق له زوجته، فوعد الزوج الضابط بتدبير ما أراد من مبلغ ببيع بيته، ولكنه طلب منه أن يكلم زوجته ليتأكد أنها موجودة عندهم حتى يبيع البيت، فكلمته الزوجة وهي منهارة، وقالت لزوجها: لا تدفع لهم شيئا أبدا؛ فإني لم أعد أصلح زوجة لك، ولا أمّاً لأولادي، فأُودعك الآن وودع أولادي نيابة عني، فلقد تناوب على اغتصابي عشرون من هذه الوحوش، وأنا أتجرع غصص الذل والهوان والألم، ولا وجه لي للقائك ولقاء أولادي، وأتمنى الموت العاجل، ولو قدر لي حياة فلن تراني ولن يراني أولادي بعد اليوم، لكن إن شاء الله تعالى أموت بسرعة، حسبنا الله حسبنا الله حسبنا الله لما وصل إليه حالنا، ثم أقفلت الهاتف وهي تبكي...
 وقرأت (القوقعة) و (مأساة حماة) و (من تدمر إلى هارفرد) وما أنتهي من واحدة من هذه الروايات والتقييد لما حصل من مآسي أهل السنة على أيدي الباطنيين إلا أمكث أياما يذرعني القيء ولا أستقي من هول ما قرأت وما علمت وما رأيت.
دعوني أيها القراء العاجزون مثلي أن أقدم لكم اقتراحا استفدته من قصص العرب التي قدمت بها المقالة حتى لا تغيب مآسي إخواننا عن مآقينا، فنعيشها كل لحظة، ونحس بهم في كل لحظة، ونتألم لهم في كل لحظة، وندعو لهم في كل سجدة، وتتغير نفوسنا لأجل مصابهم؛ فلعل الله تعالى أن ينجينا بمثل هذا الشعور والإحساس من ذنب خذلاننا لهم؛ ولنكون في هذا الجزء المعافى من بدن أمتنا متألمين لألم إخواننا، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
هذا المقترح هو أن نملأ قلوبنا غضبا على أعدائنا الباطنيين، ونغذي هذا الغضب يوما بعد يوم بكل فعل فعلوه بإخواننا؛ وذلك بمشاهدة ما ينقل إلينا من مقاطع مصورة مهما كانت بشعة، وقراءة ما تقع عليه أيدينا من قصص وروايات وأخبار كتبها الناجون من المحرقة الباطنية لأهل السنة؛ فإننا نحتاج إلى شحن نفسي غضبي هائل حتى إذا انفجر في مواجهة الباطنيين أثخنا فيهم، وثأرنا لديننا ولأمتنا المستباحة؛ فإن المواجهة العامة مع الباطنيين تكاد تكون قدرا محتوما، وواقعا أكيدا لا مفر منه، والغرب يطبخها على نار هادئة، والباطنيون لن يتراجعوا عن مشروعاتهم وهم يرون الغرب يمكن لهم في بلاد المسلمين، وليقل الغرب والليبراليون والتنويريون: إننا طائفيون؛ فإن هذا الوصف التخديري لم يُنج من تحرز منه من أهل العراق والشام لما دارت رحى الباطنية تطحنهم.
حدثني طبيب شامي فاضل أن من دخلوا الشام من فيلق بدر، وجيش المهدي، وحزب الله في لبنان، وجيش القدس في إيران، أشد عنفا في التعاطي مع السوريين، وأكثر حقدا من النصيريين، ويفعلون من تعذيب أهل السنة، واغتصاب نسائهم وأطفالهم، والتلذذ بصياحهم وصراخهم ما يعجز عن فعله النصيري.
وحدثني آخر أن النصيري يقبل أن يغتصب الفتاة متوارية عن أهلها، أما الرافضي فلا يهنأ باغتصاب البنت إلا أمام والديها وإخوتها، ولا باغتصاب الزوجة إلا أمام زوجها وأولادها، وحدثني أن جمعا من الرافضة دخلوا بيت أسرة فأمر قائدهم الزوجة أن تتعرى أمام زوجها وأولادها ليغتصبها أمامهم، فأكبت الزوجة المسكينة على حذائه تقبله وتلثمه بفمها متوسلة إليه راجية أن يتوارى بها في غرفة أخرى، وأنها مقابل ذلك ستمتعه أكثر من لو أنه اغتصبها أمام زوجها وأولادها، فرفض الكلب ذلك؛ لأنه في واقع الأمر لا يريد المتعة، وإنما يريد تحطيم أتباع الصحابة رضي الله عنهم بالذل والإهانة.
أيها القراء المكلومون في إخوانكم: هل تعلمون لم كان الرافضي الإمامي أشد ضراوة على أهل السنة من النصيري؟ ولم كان أكثر تفننا في اختراع سبل الانتقام من أهل السنة؟!
 إنه الغضب الذي غُذي به منذ ولد، وهو يسمع النوح على الحسين رضي الله عنه، ويترنم بالمراثي، ويرى في عاشوراء شعائر التغبير والتطبير، وإسالة الدماء من الرؤوس، والضرب بالسلاسل، واختراع القصص في معاناة آل البيت، والبكائيات في ظلم الشيعة بيد النواصب أهل السنة، فكان الرافضي إذا تمكن من السني تفنن في الانتقام منه، لأن قلبه مملوء بالغضب والحقد عليه بينما أهل السنة يُخدرون بشعارات الأخوة والإنسانية، ويخوفون من الطائفية.
أعزم عليكم يا أهل الشام، ومن لهم بهم صلة، ومن يعملون في مخيمات اللاجئين: أن تنقلوا إلينا آلاف القصص المأساوية التي حضرها الناجون وشاهدوها؛ لتحفظ في ذاكرة الأمة وتاريخها عن أفعال الباطنيين، ومعاملتهم لأهل السنة.. اكتبوا كل شيء وانشروه، ولا تحتقروا قصة أو خبرا مهما كان صغيرا؛ فإن هذا الحادث الجلل إذا انتهى نسي الناس ما حصل فيه، ولم يبق منه إلا ما تم تدوينه وتوثيقه.
 ولولا تدوينات المؤرخين الصليبيين: فوشيه الشارتري، وريموند الأجيولري، ووليم الصوري، والفارس المجهول، وكتابتهم أوصافا تفصيلية لما فعله الصليبيون بالمسلمين في بيت المقدس على وجه التباهي والمفاخرة لما عرفنا جرائمهم؛ ولما عير العالم بها الغرب إلى يومنا هذا؛ ولما كانت حجةُ المسلمين على الغربيين في هذا الشأن قوية؛ فإن الأمم يغزو بعضها بعضا، ولا يمثل ذلك عارا، لكن الأوصاف التفصيلية التي فعلها الصليبيون بالمسلمين وأطفالهم ونسائهم أحلت اللعنة بالكاثوليك إلى يومنا هذا، حتى إن الأرثوذكس والبروتستانت يعيرونهم بما فعلوا في أنطاكية وبيت المقدس.
ولولا توثيق الفرنسي اليهودي امنون كابليوك مذبحة صبرا وشاتيلا عبر مشاهداته، وسماعه أقوال الشهود ممن نجوا من المذبحة من الفلسطينيين واللبنانيين، وهو ممن دخلوا المخيم فور المذبحة، ووثق ذلك في كتابه (تحقيق في مجزرة).. لولا توثيقه لما علمنا عن القصص المروعة التي فعلتها الكتائب اللبنانية النصرانية وحزب أمل الباطني بحماية ومعونة الجيش الإسرائيلي والجيش السوري.
 وتوثيق جرائم الباطنيين سهلة الآن مع وسائل الاتصال الحديثة، وتنوعها وسرعة تناقلها بالهواتف الذكية والبريد الألكتروني وغيرها، وهي وسائل فعالة لملئ قلوب المسلمين غضبا على الباطنيين، وتعاهد هذا الغضب بالقصص المتكررة؛ كيلا تخبو ناره، أو تبرد حرارته، ولو كان الغضب على الباطنيين في زمننا يشترى بمال لوجب على المسلمين أن يشتروه.
 منقوووول

Wednesday, December 14, 2016

حتى لا نسأل ثانية عن حلب

يتسائل البعض: ما الذي يمكن أن نفعل لحلب؟ الجواب يكمن في سؤال آخر، هل عندنا وقت لنفعل شيئا آخر؟ فإن كان عندنا وقتا لنفعل شيئا اضافيا لحلب فإذا علمنا سبب المشكلة التي أوصلتنا لحلب. فالجواب على السؤال يحتم نقطة مهمة: فإما أن الأمة لا تستعمل كل مقدراتها أو أن الأمة وضعت أولويات غالطة في استعمال هذه القدرات. 
إذا ما الذي علينا أن نفعله؟ أن ننظر ما هي مقدراتنا؛ وما هي أولوياتنا وأن نعمل عليها.  سيكون هناك هنات وعثرات مثل حلب. ولكن يجب أن لا يكون هناك امكانيات غير مستعملة في بناء الأمة ولا أولويات مقدمة على بناء الأمة. 
فعندما تأتي حلب الثانية لا نسأل النفس مالذي سنفعله لحلب.  فعلى طريقنا سيكون هناك الاسكندرية والقيروان وآلاف الحلبات التي تكرر حلب ما لم نضع امكانات الأمة في المكان الصحيح ومن اليوم الأول.

Sunday, December 11, 2016

الإسلام حاضنة المستقبل:

الديمقراطية والرأسمالية الغربية نظام لم ينتصر كما يًخيل للبعض.  بل هو النظام الذي بقي بعد أن فشل البديل الشيوعي بذاته. الكون كله ينتظر بفارغ الصبر نظاما بديلا لايحمل عاهات الحاضر ،  والإسلام هو الوحيد الذي يمكنه أن يكون الحاضنة التي يمكنها أن تبرعم نظاما جديدا.  المشكل الأساس في أصحابه أنهم يُنظّرون لـ"نظام للمسلمين" وليس "نظام للبشرية."  فحتى الآن يتكلمون على أن الاسلام هو للعالمين،  ولكنهم لا يرون العالمين إلا من خلال زاوية ضيقة من الأحكام الفرعية.  علينا أن نكتشف كيف يكون الإسلام نظاما للعالمين وليس للمسلمين.  
الإسلام ليس هنا لتحرير فلسطين،  ولكنه سيحرر فلسطين،
الإسلام ليس هنا لتحرير العراق،  ولكنه سيحرر العراق ،
الإسلام ليس هنا لتحرير سوريا ،  ولكنه سيحرر سوريا ،
الإسلام ليس هنا لتوحيد البلاد ، ولكنه سيوحد كل المستضعفين في المعمورة.    ......
لائحة طويلة من القنابل الدخانية التي تحجب رؤية المسلمين المجاهدين عم خرجوا إليه.

آن لنا أن نسموا لرؤية الرسالة الهابطة (المُنزلة) من سابع سماء وأن نتعامل معها على هذا الأساس.  حتى اليوم الشي الوحيد الذي يثبته المسلمون المعاصرون،  أنهم إن غضبوا أشعلوا الدنيا ، وعليهم أن يشفعوا هذا برؤية حقيقية لرسالة رب العالمين للعالمين. 

Wednesday, December 07, 2016

يابي! هو كالفأر ولكنه أكبر

يابي! هو كالفأر ولكنه أكبر
عندما كنت في الجامعة كنت أقيم مع عدد من الأطباء السوريين الذين يقومون بالتحضير للدراسات العليا والتخصص.  وقد حدث معي أنني مرضت في رمضان واضطررت أن أفطر ، وقد أعطوني لائحة طويلة من الأدوية لمساعدتي على التخلص من المرض.  وصدف أن أتانا شاب سوري لم أعد أذكر اسمه اليوم وأعتقد أنه كان خريج كلية الآداب أو شي من هذا القبيل،  فرآني على مائدة الافطار ولا أقوى على رفع كأس الماء وأمامي كل هذه الأدوية. فقال لي :
- ليش كل هذه الأدوية؟   
قلتُ: الأخوة الدكاترة وصفولي ياهم الله يجزيهم الخير؟  (كل "الأخوة الدكاترة" جالسين حول مائدة الأفطار معنا)
فذهب إلى حقيبته وأحضر حبة دواء واحدة وقال وبالحرف الواحد : "خوذ هذه وانسى كل هذا العلاك الفاضي." مشيرا إلى كوم الأدوية أمامي على الطاولة.   
نظرت لأصدقائي الأطباء وأنا مُحرج أن أرد عليه ومُحرج منهم على هذا التعدي على معرفتهم وعلى اختصاصهم من هذا السيد.  فتبادلنا جميعا بسمة ذات معنى ؛ ولله الحمد تحسنت على نصائحهم وأدويتهم
هذه الحادثة تعود إلى ذاكرتي كلما جلست مع الأخوة الأطباء في مؤسسات الشأن العام ويتم الكلام على الأمور التنظيمية المتعلقة بالاجتماع والاقتصاد والسياسة وما شابهها.  وأنا لا أقول أن يترك الأخوة الكلام بالسياسة، ولكن هناك فرق بين الكلام بالسياسة ـ وهذا حق كل شخص بل أشجع عليه ـ وبين التقرير والتنظيم والعمل المؤسساتي العام الأهلي والحكومي.
فكثير من الأمور لا تتعالج بحسن النية مهما صفت هذه النية.  والانتقال من اختصاص لا يعني نزع "المريول" الأبيض ولبس ربطة العنق، بل هناك آليات وطريقة تفكير كاملة عليها أن تتغير.  فحتى الشخص الذي لديه معمل بخمسين موظف لا يعني أنه قادر على معالجة الأمر العام بنفس الطريقة،  فالأمر العام آلياته تختلف تماما.  ونحن هنا لا ننهاه عن التعرض للشأن العام ولكن عليه أن يفهم حدود فعله وأن يبحث عمن يقويه على الفعل بالوسائل الصحيحة.  وأعتقد أن ثقافتنا أخطر ما يهددنا فيها بهذا الشأن هو الشعور بعدم الحاجة للآخر،  فمعايير النجاح فيها المال، فالويل لك أن تحاول انشاء حوار تحاول أن ترشد من جمع مالا فعدده. فبرأيه أن نجاحه يخوله أن ينجح في كل المجالات الأخرى.  والراشد منهم من تراه أدرك ذلك فأحاط نفسه بالناجحين في اختصاصاتهم ومن يستطيوا أن ينقلوا أهدافه إلى واقع قائم. 
ونذكر هنا قصة الوزير المسجون مع ولده الصغير الذي لم يعرف أي شي خارج السجن.  فكان يروي له حكايا ملك الغابة وقوته،  فيسأله الطفل: ما هو الأسد فيقول الأب أنه حيوان كبير جدا له رأس واربعة أرجل وأذنين وعينين ووبر.  فيسأله الطفل: معناها هو كالفأر ولكنه أكبر.

فعلينا أن لا ننظر لإدارة الشأن العام كما ينظر هذا الطفل للأسد. فمن هو فالح ومبدع في غرفة العمليات لا يعني ضرورة أنه يستطيع أن يدير عشر غرف عمليات بسبب خبرته، ومن هو جيد في تصميم الجسور لا يُلزِم أنه سينجح في إدارة المواصلات. ومن هو ناجح في المحاسبة لا يعني أنه سيفلح كوزير مالية. ومن هو جيد في الاقتصاد  المعياري قد لا يتمكن من إدارة الاقتصاد.  قد تكون كل هذه الشروط ضرورية للنجاح في الشأن العام،  ولكن هذه وحدها لا تكفي.  فإدارة البلاد ليست كإدارة معمل أو مشفى بل على حجم أكبر كما أن الأسد ليس كالفأر ولكن على حجم أكبر.  

Tuesday, December 06, 2016

البحث عن الحل في المكان المريح: لا أمل بوجود الطبقة السياسية السورية الحالية:

البحث عن الحل في المكان المريح:  لا أمل بوجود الطبقة السياسية السورية الحالية:
  
يقف الدكتور أبو الحطب رئيس الحكومة المؤقته بهدوء ووقار ليقدم مشاريع حكومته لبعض الحضور من أبناء الجالية السورية في شيكاغو.  ومن بين ما يقول "أننا نحن بأشد الحاجة للخبرات."  و طبعا هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يدعو "المجلس السوري الأمريكي" SAC  شخصيات وطنية ليقوم بعملية جمع النقود لمشاريعه.  فهذا فن تمرسوا به منذ الثمانينات. وجمع النقود لا يهمني هنا؛ ولكن النقاش مع الدكتور ابو الحطب هو أكثر اهمية بالنسبة لي ، فأنا لم أكن أعرف عنه شيئا بل كنت اعتقد انه من دير الزور واكتشفت أنه من دمشق.  وكلام الدكتور أبو حطب أتي في الصميم ويعكس الأزمة التي تعيشها طبقة الثوريين من أمثاله وتلاعب المؤسسات والأحزاب التقليدية المعارضة بجهودهم.  فهناك الكثير من القول الذي يستطيع أن يقوله ولكن لمن يشكو المسكين؟  فرغم سنوات البطولة التي تعيشها الثورة وثوارها في الداخل يجدون أنفسهم أمام كل أنواع المناورات ومحاولات التسخير لمصالح بعض الجهات بما فيها تسخير الناشطين أمثال الدكتور أبو الحطب.   
طبعا من نافلة القول أن الحكومة بحاجة شديدة للمساعدات المالية ولكن ما يجمع من الجالية له نفس الاستعمالات القديمة، ولكن المشكلة الأصيلة ترسخت في عبارة الدكتور السابقة : "أننا نحن بأشد الحاجة للخبرات." فهي المفتاح الأساس لكل الحلول الممكنة،  فالوضع في الثورة السورية لا يخفى على أحد وأن التفكير "خارج الصندوق"  وبعيدا عن التفكير النمطي هو ما تحتاجه الثورة وما يحتاجه أبو الحطب إن صدق.  فعوضا عن أن تتمحور النقاشات حول هذه القضية مُسِخَ النقاش ليقتصر على كم دولار سيجمعوها وكم فدان سيُزرع .   فتجلس تستمع تحلم بأن كل مداخلة قد ترفع بمستوى النقاش لمستوى همّ الأمة؛ فإن حصلت فسريعا ما توئد بعذر أو آخر أو تُقتل بالصمت والاهمال.  فتجد نفسك تنتقل من احباط لاحباط.  وإن حضرت مثل هذه اللقاءات ولم تشعر هذا فإنما أنت من المساكين الذين ينظرون للمسرح ببراءة.   

من السهل رؤية المعضلة في الخروج من الوضع القائم إلى وضعِ آخرَ بالقيادات الحاضرة.  فهذه القيادات نتنة عبر الزمان لا تدرك إلا سطوة المال الذي يجمعونه ولا يعلمون إلا قدرته على التحكم بأجندات حزبية ضيقة.  فالقيادة الموجودة هي من مستحاثات الأخوان الذين لم يتعلموا إلا التفكير الحزبي والتآمر للوصاية على الأمة.  وانتقالهم من فشل إلى آخر عبر السنوات الماضية أكبر من أن يخفى على أحد.  فعلى سبيل المثال مع الايام الأولى للثورة كانت قيادة الأخوان (بوساطة تركية في ذلك الوقت) مستعدة لقبول عدة مقاعد في البرلمان الأسدي وبعض الحقائب الوزارية في حكومته لكي "تنسى الثورة"  لم يتحقق ذلك لهم لسبب بسيط أن النظام لم يرض بذلك.  في أمريكا أكبر منظمة اسلامية (تابعة لهم بدون اسم) تعقد مؤتمرها في كل سنة في شيكاغو في الاسبوع الأخير من تشرين الأول.  بعد الحاحات كثيرة وتدخلات عدة استطعنا في "الجمعية السورية الأمريكية" SAS أن ننتزع منهم بالحياء قاعة لمحاضرة مخصصة للثورة السورية.  مُنحنا قاعة جانبية صغيرة وفي أبعد فندق عن القاعة الرئيسية من فنادق المؤتمر.  رغم ذلك حشر 400 شخص في القاعة رغم مشقة المسافة. (الانتقال بين الفنادق في درجة حرارة 20 تحت الصفر ليس بالأمر السهل)    
بعد المؤتمر كنت في جلسة مع احد القياديين للمنظمة وهو من أخوان مصر فعاتبته بالموضوع. فأجابني بأنه هناك اتفاق ضمني بينهم وبين الأمريكان على "التخفيف من حدة الربيع العربي"  بعد هذا الحديث بسته أشهر طار الرئيس مرسي من على عرش مصر فرج الله عنه. 
الأخوان في العراق لايقلون تيها عن هؤلاء.  فخلال عشر سنوات على حكم المالكي سقط ما يزيد عن مليون عراقي بسكين النظام الطائفي بينما كان الأخوان لا همّ لهم إلا ممارسة لعبة الحكم والقتال على كرسي يستجدونه في البرلمان الإيراني في بغداد، واليوم أصبحوا شركاء في قرار تحويل مرتزقة إيران في الحشد الشعبي المجرمة وغيرها إلى "مؤسسة وطنية" ،  ودعونا نفترض جدلا أن المشكلة هي في الدولة الإسلامية.  طيب ما حالهم وحال المقاومة العراقية الباقية؟  لقد أرسلوا مندوبونهم من أمريكا إلى المجلس الوطني ثم الإئتلاف ليتزعموا مهمة "اصلاح النظام"  ثم عملوا على دعم كل سفيه وسافل في المجلس الوطني وبعدها في الإئتلاف وكرسوا جميع المناورات في تفيذ مخططاتهم فهل نرى لهم مناورة واحدة للقاء مع المقاومة العراقية الشريفة؟ (لننس الدولة الإسلامية حاليا.) 
نعم كما قال الدكتور ابو الحطب : "أننا نحن بأشد الحاجة للخبرات."  ولكن هذه الخبرات لن يحصل عليها بالتفكير النمطي لأمثال هؤلاء،  وهذا الكلام ينطبق إيضا على الأحزاب السورية التقليدية الأخرى ولكن يتحمل الأخوان مسؤولية أكبر، فهم الأكثر تنظيما في الخارج،  فعوضا عن تحمّل مسؤولياتهم والتقدم لقيادة الجالية بشكل صحيح ينظرون للجالية كجعبة دنانير يمدون يدهم لها كلما احتاجوا. فلو نظرنا للحضور لما تجاوز عدد الحضور في اجتماع مع رئيس الحكومة أكثر من 50 شخصا،  فهل هذا حقيقة ما يمثل وزن الجالية السورية الحقيقي.  أم ان الجالية السورية يئست منهم ومن ألعابهم.  فالجالية أغنى من هذا وأكثر نشاطا وثقافة وعلما وخبرة،  فعندما بدأت الثورة تشكلت جمعيات كثيرة على يد ناشيطين بعيدين عن السياسة و نساء سوريات نشيطات صادقات بعملهن قدمن الكثير للوطن والثورة،  وإن أردْنَ أضفتُ اسمائهن لهذه المقالة لاحقا.  وأنا أزعم أنه ما قدمه هؤلاء النسوة للثورة بعملهن الصامت والدئوب يتجاوز كل ما قدمه ممثل الأخوان السوري في أمريكا المتمثل بـ"المجلس السوري الأمريكي" SAC  ؛ الفرق بينهم أنههن يجمعن النقود من أجل العمل الخيري وينفقنه على العمل الخيري ، اما المجلس فيصرفه على البرنامج السياسي الذي يراه مناسبا.  فعندما يريد هؤلاء أن يتقربوا من النظام يدعون المقربين منه لالقاء المحاضرات عليهم، وعندما يحتاجون نقودا يدعون شيخا مثل "كريم راجح" ليعطوه ربع ساعة في حفل خيري في آخر الليل بعد أن قطع عشرات الألاف من الكيلومترات ليصل لهم.  وإن لنا الحق أن نسأل أصحاب هذا التنظيم، لقد انفقتم كل هذه الأموال للتقرب من البيت الأبيض،  بل ذهبتم أبعد من هذا لتعلنوا تأييدكم لقصف الأمريكان للمجاهدين في سورية والعراق.  فهل "قبضتم" ـ على الأقل ـ ثمن هذا من الآخر سواء كان ثمنا ماديا او سياسيا؟  أم أن كل مشاريعكم في الوطن ما هي إلا من أموال الجالية لا منة لكم فيها.  

نعم نحن بحاجة لخبرات كثيرة وتفكير غير نمطي يخرجنا من الحلول النمطية التي تعودت عليها أحزابنا المتحجرة.  ولكن هذه القيادات تعرف أن النقاش بهذه الساحة سيكشف سوءتها ويظهر عقمها الفكري والتنظيمي.  لقد تأسست مؤسسات كثيرة في العالم منذ نشأت الثورة،  ولكن لايمكن لأي مؤسسة ان تستمر إن كان هؤلاء اعلنوا الحرب عليها.  ونحن نستطيع أن نتفهم ـ جدلا ـ  لعلماني يرى في الإسلام عدوا له وفي الغرب حليفا موقفه من الثورة والمجاهدين.  أما موقفهم الذي نراه علنا فهذا لا يتم في المنطق الأخلاقي ولا الإسلامي، اللهم إلا انهم يروا بأنفسهم وقد منحهم ربهم صكوك الغفران. 

نعم "أننا نحن بأشد الحاجة للخبرات."  ولكننا لسنا بحاجة لخبرات جمع النقود، ولا مهارات التآمر اللئيم ولا تكالب الذئاب على السباع.  بل نحن بحاجة للخبرات التي تطرح الأسئلة الصعبة التي توقظ الحضور وإن لم يحبوا هذه الأسئلة أو الإجابة عليها.  والدكتور ابو الحطب لن يجدها بمن دعاه إلى أمريكا،  وأنا لا أدعوه إلى معاداتهم، فتجربتي تؤكد أن سلوكهم لا يختلف عن سلوك سرايا الدفاع في شوارع دمشق عندما كانوا يتكالبون على الناس، إن عادوه سيقضي عمره بدفع بلاهم عنه وعن مشاريعه.  بل أدعوه أن يعلم أن الحل لن يكون قادما منهم، فهم لا يملكون التفكير أو غير التفكير النمطي الذي درجوا عليه.   فنحن في حاجة لمساعدة ولكن نوع آخر من المساعدة تخرج بالثورة من المأزق وبالنشاط من المألوف المريح إلى التفكير الثوري الذي يفتح آفاقا أخرى ولو كان متعبا ومرا.  
أنا لا امتنع عن حضور اي نشاط يهم سوريا،  وتشاء الأقدار أن أكون بعيدا عن شيكاغو في كل مرة يكون هناك نشاطا ما طوال السنوات الأربعة الماضيات.  ولكن هذا الأحد كانت زيارة الدكتور في وقت متوفر لدي فقررت الحضور لأسمع منه،  وكلما غبت عن هؤلاء أعود وأقول لنفسي لعل وعسى أن يكونوا قد تغيروا،  ولكن يبدوا أنه من شب على شي شاب عليه. وأقول لزعيمهم الذي يستطيع أن يتحمل كلام شبيح في الله وفي الثورة ساعات طوال ولا يستطيع تحمل كلاما مخالفا له من صفه خمس دقائق قبل أن يرسل كلابه؛ ما كان يردده والدي رحمه الله:  "إن اردت أن تضحك علينا فهذه سهلة، ولكن فكرك حتضحك على الله هذه مشكلة" أو نقول له وقد قرُب زماننا وزمانه:  " ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" 

محي الدين قصار

شيكاغو 12 كانون الأول 2016